طوى رمضان صفحته الأخيرة ورحل مودعا، وفي النفس ما فيها من شعور بالتقصير تجاه ضيف نوراني بلا مثيل، وقد مرت لياليه الثلاثون وهي دروس يضاهي بعضها بعضا آخر في أهميته وقيمته الكبرى في عالم الأخلاق والروح ودنيا الحياة وما بعدها· فرمضان مدرسة لتزكية النفوس؛ تصقلها من الأدران الأخلاقية وأمراض الشح والبخل والكذب والنميمة والغيبة، وباقي مظاهر القصور والانحراف والتشوه الإنساني التي قل أن نسلم منها أو نستطيع الشفاء منها إلا بجهد ورياضة روحية شاقين·
انصرف رمضان مودعا وقد خلصنا من رواسب السنة كلها وما خالط أيامنا من ترسبات وبقايا ملوثة، ليترك النفس في حالة صفاء وانشراح وقرب من الخالق لا يمكن أن تتحقق لها بأي وسيلة أخرى نعرفها·
لكن علينا أن نحافظ على المكاسب والمزايا التي بلغناها من وراء شهر الصيام الكريم، وأن نحرص على نية قيامه وصيامه ونحن في نفوسنا ألم من التقصير الذي بدر منا والتفريط في فرصة لا تأتي إلا مرة واحدة كل عام·· فلنودع رمضان أطيب وداع، أي بالحرص على روحه دوما، قبل أن نودع الدنيا إلى عالم الحقيقة والحساب وجائزة الأعمال!
محمد نور كامل - القاهرة