شهد الناتج المحلي الإجمالي في دولة الإمارات خلال العقد الماضي نمواً كبيراً، حيث ارتفع من 142 مليار درهم تقريبا عام 1994 إلى نحو 379 مليار درهم العام الماضي، بينما يتوقع أن يتجاوز 410 مليارات درهم هذا العام، الأمر الذي انعكس بدوره على متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ليبلغ 87,7 ألف درهم العام الماضي، وأكثر من 90 ألف درهم توقعات لهذا العام· إلا أن المحافظة على هذا النمو تجابهها تحدّيات ضخمة تفرضها معطيات عالمية ومحلية خلال المرحلة المقبلة· وفي ظلّ التوسّع الاقتصادي الكبير الذي تشهده الدولة في جميع أركانها، تتولّد زيادة مماثلة في الضغط على البنية التحتية، عندما تصبح العمالة الوافدة الملاذ الوحيد لسدّ النقص في متطلبات مشروعات التنمية، وبالتالي إزالة العائق الرئيسي أمام استمرار هذا النمو الاقتصادي· إلا أن هذا النمو في حدّ ذاته وما يجره من توسّع في المشروعات الاقتصادية المتنوعة، وزيادة الطلب على العمالة الوافدة بصفة خاصة، وما يتبعها من زيادة سكانية بصفة عامة، تمثل ضغوطا متنامية على البنية التحتية·
من خلال الإحصاءات المتوافرة، يبدو أن أكبر طلب على العمالة الوافدة يتركز في قطاعات التجارة والخدمات التي تستوعب نحو 60% من مجموع العمالة الوافدة· أمّا قطاعات الصناعات الأولية مثل الزراعة والتعدين والنفط، فيكون الطلب على العمالة فيها ضعيفا، وفي الوقت نفسه يستخدم قطاع التصنيع أساليب إنتاجية مكثفة وبالتالي يكون الطلب على العمالة فيه معتدلاً· وستشكّل هذه العمالة بالطبع مزيدا من الضغوط على البنية التحتية· وإذا استمر التوسّع الاقتصادي الحالي والطلب المرتفع على العمالة الوافدة إلى جانب النمو السكاني الطبيعي، يتوقع أن يتضاعف سكان الإمارات مرة أخرى خلال 10 سنوات، ليصل إلى نحو 9 ملايين نسمة في عام ·2015 وسيحتاج هذا النمو السكاني بالطبع إلى دعم مستمر للبنية التحتية بمختلف مرافقها· وسوف يعزز تزايد عائدات النفط من النمو في القطاعات الاقتصادية غير النفطية، ومن ثم الطلب على العمالة الوافدة أيضا· وبهذا المفهوم، فإن مزيدا من التوسع الاقتصادي يجر معه مزيدا من الضغوط على البنية التحتية·
في ظلّ الارتفاع المتوقع في أسعار النفط وما يعكسه من نمو في الطلب المحلي وتنوّع كبير في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات، ومزيد من التحرّر والانفتاح، هناك ضرورة للتركيز على مشروعات البنية التحتية من مرافق عامة من طرق وجسور ومطارات وموانئ وخدمات الكهرباء والماء وغيرها، لتواكب هذا الزخم التنموي متعدّد الوجوه· فرغم أن دولة الإمارات تأتي في مقدمة دول المنطقة من حيث مستوى البنية التحتية، فإن التطور الاقتصادي المتسارع الذي تشهده الدولة حاليا، يجب أن يتم في إطار توسع مماثل في مشروعات البنية التحتية اللازمة لخدمة هذا التطور وتجنّب حدوث أزمات قد تعوق حركة النمو الاقتصادي مستقبلا، ناهيك عن أن قصور الأداء في قطاعات البنى التحتية ينال من قيمة ما يتحقق من إنجازات هائلة في قطاعات أخرى·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae