كيف نرثي جبلاً··
وكيف يمكن أن يبكي وطن وطناً··
وكيف لبشر أن يعشقوا تراب وطن··
كيف لكل المشاعر أن تذهب سدىً حين لا يكون هناك زايد··
لكن هناك ظله·· وكواكبه·· وأحلامه·· ورمالاً قالت إنه مر من هنا رجل لا يشبه إلا ذاته وذات الوطن·
ليس رثاء·· لكن ربما كان افتقاداً·· وكان اشتياقاً وكان حنيناً ليوم كان يأتي فيه مبتسماً كل نهار··
الآن نبحث عنه في وجوه أطفالنا حين نحلم لهم بالوطن الحلم الذي جاء به زايد، وعرف به وتفاخر أنه المعجزة التي لم يعرفها وطن·
كيف ترثي أياماً مضت بدون صوت حضوره ودفق انتمائه لوطنه·· وصحرائه وبحره وكل تفاصيل اللوعة·
ذاك الجبل لا يرثى··
ولا يمكن أن يظل سند ووتد وكل ما يمكن الاعتماد على وجوده·
لم تنسنا الأيام الدعاء له، ولم تحرمنا الأوقات المتراكضة بانشغالات الدنيا أن نسأل له الجنة، ولم نكن أبداً بجاحدين عطاء لا ينتهي، كنهر يحضن أطراف العالم بسخاء وحب بلا نظير·
كيف يموت من ترك ظله·· ظل وطن بأكمله·· ومن علم أبجدية الصمود ضد كل ما يمكن أن يعني هزيمة··
كيف يُرثى من قال إن الإنسان أغلى من أي شيء حتى وإن كان ذهباً، كيف يرثى وطن وبحر وكنز قيمته أهله لا أكثر لا أقل، فالوطن لا يساوم بالذهب·
ولا يمكن أن يمنح هبات أرضه وحزنه إلا لأهله··
وأنت صاحب الفضل والعلم·· واخضرار الأحلام الجدباء التي كانت ذات ليل مجرد رمال وصارت اليوم أشهى من أي وطن وأي جنة خلد·
يستحيل أن ترثى·· ويستحيل أن تكون ونكون إلا معاً·· قلباً بقلب·· وأملاً بأمل·· وثقة بثقة·
فهذا أنت أبداً·· زايد ووطن له كبرياء العزة·· ومجد الشموخ حين نرفض الانصياع لأوامر التراجع والهزائم·
ليس لنا سوى أن نكون مثل ظلك عالٍ علو السماوات·· وشواهق الآمال·
نفتقدك
ويفتقدك وطن أحبك حتى النخاع··
وتحتاجك قلوب أسرها خلقك وكرم صفاتك·
ليس التاريخ من ذكرنا بك··
وليس الوقت من أنسانا··
ها هنا أبداً كأنك خطوط أكفنا··
حين لا نعرف إلا أن نزعم أنك حاضر دائماً ما دام هذا الوطن يشهد نصب أحلامك وارتقاء كل ما كنت تسعى له·
سلاماً عليك··
باقٍ·· متوهجاً·· عالياً
وأينما تكون سلام يليق بقامة وطن كنت أول المؤمنين به·
سلام عليك··
يوم كنت أبهى من الوصف ويوم علمت أن قدر وطنك ارتبط بقدر خطوك··
سلام عليك وعلى الأحلام العذبة التي كنتها وعلى كل التوقعات التي صارت يوماً نعيشه، لك مجد من نور دافق، لا يشبه إلا وقع حوافر اسمك في أرض علمت أي رجل أنت وأي شعب نحن·
لا نرثيك··· ولا نبكيك بقدر ما نفتقد وقار حكمتك وثبات رؤاك، وعزة وطن كنت به وكان بك وطناً أشم· نسأل الله له الثبات لا شيء أقل من ذلك·
سلام عليك وعلى وطن وبشر سكنت نسخ أرواحهم ولن يكون لك أبداً تاريخ يذكرهم بك بل وقت وجغرافيا ومستقبل·