''الواقعة من السماء تتلقاها الأرض'' كما يقول المثل الشعبي· ومناسبة استخدام هذا المثل، هي ما كتبه الكاتب البريطاني باتريك سيل، ونشر في صفحات ''وجهات نظر'' بتاريخ الاثنين 31 أكتوبر تحت عنوان ''عناقيد الغضب في إيران وإسرائيل''! والمقصود أن ما تفعله إيران وتصرح به من عداء ضد إسرائيل، لا يقع عليها وحدها فحسب، وإنما يقع قبلها على فلسطين والفلسطينيين· وليس أدل على ذلك من التصريح الذي أورده الكاتب نفسه، على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز، عن أن حلم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، لا تزال تحول دونه سنوات وسنوات· بل الأكثر والأقوى دلالة من ذلك، ما نرى من تصعيد متبادل للعنف والعنف المضاد في فلسطين وإسرائيل، وما تبثه الفضائيات وقنوات الأخبار المحلية والإقليمية والدولية، يومياً عن الهجمة الشرسة التي تشنها القوات الإسرائيلية على الفلسطينيين، وما نسمع من تصريحات شارونية متوعدة بمواصلة ما أسماه ''حرباً بلا رحمة'' ضد الفصائل الفلسطينية المتشددة، واستهدافه المباشر لقيادات منظمة الجهاد الإسلامي، إلى جانب الضغوط الدولية المتصاعدة على سوريا، فيما يخص إيواءها لبعض هذه الفصائل والتيارات· بهذا المعنى، فحين تنظم الحكومة الإيرانية مواكب شعبية ومظاهرات عارمة، يشارك فيها مئات الآلاف من المواطنين، تحت شعار ''عالم بلا صهيونية'' فإن في ذلك إذكاء لنار الصراع، ليس بينها وإسرائيل من ناحية، وبينها والمجتمع الدولي فحسب، وإنما فيه تحريض لإسرائيل على مواصلة نهجها القمعي ضد الفلسطينيين، باسم محاربة الإرهاب والتطرف، فوق ما في ذلك من تعنت ورفض لمبدأ التفاوض السلمي معهم حول تسوية النزاع· هل تعلم طهران أي خدمة كبيرة تقدمها لإسرائيل بمثل هذه المواقف والسياسات المتطرفة؟ كفى المسلمين والبلدان والشعوب العربية تطرف ''تنظيم القاعدة'' وكفاهم تطرف النظام العراقي السابق، الذي لا يزال العراقيون يجنون ثماره المريرة غزواً أجنبياً وقتلاً ودماراً وتهديداً حقيقياً لوحدة البلاد، إضافة إلى زعزعة الأوضاع الأمنية للمنطقة كلها· وهل لا تزال إيران بحاجة إلى المزيد من الأزمات وجبهات المواجهة مع المجتمع الدولي؟!
عمر بابكر الطاهر- الشارقة