شفافية الكتابة!
ما لفت نظري في مقال الكاتب والباحث السياسي الأميركي، ماثيو لونجو عن تضارب ''مشاعر الإحباط والخوف في المظاهرات السورية'' الذي نشرته صفحات ''وجهات نظر'' يوم أمس الأحد، هو موضوعيته وتوازن تناوله للمادة التي كتب عنها، بما يزيل أي شك حول انحيازه لسوريا أو لبلاده أميركا· فقد كان الكاتب شاهد عيان على المظاهرات السورية العارمة، التي نظمت يوم الاثنين الموافق الثالث والعشرين من شهر أكتوبر في العاصمة دمشق، احتجاجاً على تقرير المحقق الدولي الألماني ميليس، وعلى الولايات المتحدة الأميركية· وما كان منه إلا أن سجل انطباعاته ومشاهداته عنها، وكتب عن دلالاتها وأبعادها السياسية الداخلية والخارجية، على الصعيدين الرسمي والحكومي· فمن الجانب الحكومي كان القصد وراء تنظيم المواكب والمظاهرات، هو إظهار دمشق بمظهر القوة والتماسك الداخلي، وكذلك إظهار مدى شعبية النظام القائم الآن·
غير أن الكاتب زعم بما يفيد بأن تلك المواكب لم تكن شعبية كما قصد لها أن تبدو، وأنها لم تعكس الرأي العام السوري الحقيقي، الذي يعمه الشعور بالإحباط، وأصبح الآن يتطلع إلى التغيير أكثر من أي وقت مضى· وتأتي موضوعية الكاتب من أنه لم يجعل من مشاعر الإحباط الداخلي تلك، رصيداً شعبياً سياسياً تستند أو تعول عليه الولايات المتحدة الأميركية، في أي هجوم أو ضربة عسكرية، ربما توجهها إلى سوريا في لحظة ما، في مجرى الضغوط الدولية المتصاعدة ضدها، بسبب ما نسب إلى بعض مسؤوليها من مشاركة في جريمة اغتيال رفيق الحريري· ومن رأيي الشخصي أن مثل هذه الكتابات هي التي تعكس صورة عن الكتاب الغربيين والأميركيين، لكونها غير منحازة وبعيدة كل البعد عن تغليب الأهواء والمواقف الشخصية على الكتابة، خاصة حين يكون موضوع الحديث، ما يجري في الشرق الأوسط· كما في تناول الكاتب صدق وشفافية في تحليل الواقع السوري، يفتقر إليهما الكثير من كتابنا وصحفيينا العرب· فهل نرتقي في تناولنا للأحداث إلى هذا المستوى؟
جعفر كرار- دبي