في دراسة أجرتها مجموعة من العلماء في جامعة ''ساو باولو'' بالبرازيل، اكتشف الباحثون أن ارتفاع نسبة التلوث في الهواء، يؤدي إلى انخفاض نسبة الذكور بين المواليد الجدد، كما يؤدي أيضا إلى ارتفاع معدلات الإجهاض بين الحوامل· وكانت نتائج الدراسة، التي نشرت الأسبوع الماضي ضمن فعاليات المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية للطب الإنجابي المنعقد بمدينة مونتريال، قد أظهرت أن المناطق التي ترتفع بها نسبة التلوث، تتميز بنسبة أقل من المواليد الذكور، مقارنة بالمناطق الأقل تلوثاً· وهو ما أكدته لاحقا تجارب الباحثين على الفئران، حيث تسبب اختلاف حجم الملوثات في الهواء، في حدوث اختلال مقارن في النسبة بين الذكور والإناث· في هذه التجربة المثيرة، قسم العلماء عدداً من ذكور الفئران إلى مجموعتين· المجموعة الأولى، تعرض ذكورها في الشهور الأربعة الأولى من حياتهم، لاستنشاق هواء ملوث، بينما تم توفير هواء نقي خالٍ من الملوثات لذكور المجموعة الثانية خلال نفس الفترة· بعدها، سمح لجميع الذكور بالتزاوج مع مجموعة من الإناث لم تتعرض للهواء الملوث خلال فترة حياتها· وكانت المفاجأة أن إناث الفئران التي تم تلقيحها من قبل ذكور عاشوا في هواء نظيف، أنجبت ذكوراً أكثر من الإناث، بنسبة 1,34 ذكر لكل أنثى· بينما بلغت نسبة الذكور إلى الإناث، نسبة 0,86 ذكر لكل أنثى، بين مواليد الإناث التي تم تلقيحها من قبل ذكور عاشوا في هواء ملوث· وأظهرت الفحوص أيضا، أن ذكور الفئران التي عاشت في هواء ملوث، عانت من مشاكل في إنتاج الحيوانات المنوية· بينما أظهرت دراسات أخرى، أن الإناث التي تعرضت لهواء ملوث أثناء حملها، زادت لديها نسبة سقوط الحمل أو الإجهاض، مقارنة بالإناث التي كانت تستنشق هواء غير ملوث·
ويعزو العلماء هذه النتائج إلى الحقيقة المعروفة بأن الأجنة الإناث تتمتع بدرجة أكبر من القدرة على البقاء في الظروف البيئية غير المناسبة، مقارنة بالأجنة الذكور التي ترتفع لديها احتمالات النفوق في الرحم، أو التعرض لمضاعفات خطيرة أثناء الولادة، مقارنة بالأجنة الإناث· وهو ما يفسر أيضا ما صادفه علماء ''ساو باولو'' عند تحليلهم لسجل أعداد المواليد بين عام 2001 وعام ·2003 حين ظهر أن المناطق التي تتمتع بهواء نظيف، ارتفعت فيها نسبة المواليد الذكور لتصل إلى 51,7 في المئة من مجموع المواليد، بينما انخفضت نسبة المواليد الذكور في المناطق الأكثر تلوثا لتصل إلى 50,7 في المئة فقط· ويفسر العلماء هذا الفارق بأنه ربما يكون نتيجة أحد عاملين، إما أن الملوثات تتسبب في تشوهات جينية يستحيل معها بقاء الجنين على قيد الحياة، أو أن هذه الملوثات تقلل من حيوية المشيمة، مما يصعب من ظروف البقاء للجنين· وبما أن الأجنة الإناث تتمتع بقوة أكبر وقدرة أعظم على البقاء، لذا يمكن لنسبة أكبر منها أن تصل إلى مرحلة النمو الكامل ومن ثم الولادة في ظروف غير مثالية، مقارنة بالأجنة الذكور· هاتان النظريتان تؤيدهما دراسات نشرت في شهر أبريل الماضي، قام بها مجموعة من علماء جامعة ''لند'' بالسويد (Lund University)، وخلصت إلى أن التعرض للملوثات البيئية يمكنه أن يغير من نسبة الحيوانات المنوية الحاملة لكروموسوم الذكر (Y)، مقارنة بالحيوانات المنوية الحاملة لكروموسوم الأنثى .(X) والمعروف علمياً أن هذين الكروموسومين هما المسؤولان عن تحديد جنس المولود· حيث يتكون التركيب الجيني للذكور من كروموسومي (XY)، بينما يتكون التركيب الجيني للإناث من كروموسومي .(XX) ومثل هذه الدراسات والأبحاث من شأنها أن تلقي المزيد من الضوء على العملية الطبيعية لتحديد جنس المولود، وهي العملية التي ترتبط نتائجها بالعديد من المدلولات الاجتماعية والثقافية في المجتمعات البشرية· والمعروف أن هذه المدلولات غالبا ما تكون إيجابية في حالة المواليد الذكور، بينما تكون غالبا سلبية في حالة المواليد الإناث· فلا زال الشائع بين الكثير من المجتمعات البشرية، حتى في القرن الحادي والعشرين، أن ينظر للمولود الذكر كإضافة اقتصادية مستقبلية للأسرة، بينما ينظر إلى المولود الأنثى كعبء اقتصادي على الذكور من أفراد الأسرة·
ومنذ فجر الطب، حاول الأطباء التوصل إلى طرق وأساليب تعين على التعرف على جنس الجنين في المراحل المبكرة من الحمل· هذه الجهود كللت بالنجاح مؤخراً إلى حد ما· حيث تتوفر حالياً عدة طرق، يمكن لكل منها التنبؤ بجنس الجنين، وإن كان بدرجات مختلفة من الدقة· وأول هذه الطرق هو الفحص بالموجات فوق الصوتية، التي يمكن عن طريقها تحديد جنس المولود بدقة كبيرة إلى حد ما· ويمكن أيضاً في المراحل المتقدمة من الحمل، أخذ عينة من السائل المحيط بالجنين، الذي يحتوي غالبا على خلايا من جسد الجنين· ومن خلال الفحص المعملي لخلايا الجنين تلك، يمكن التعرف على جنسه· ورغم أن هذه الطريقة شديدة الدقة، إلا أنها تحمل خطراً كبيراً على كل من الأم والجنين· وكان من الطبيعي بعد تحقيق قدر من الثقة في التعرف على جنس الجنين، أن يتطور الوضع إلى فكرة اخت