خطوة جيدة تلك التي أقدمت عليها القيادة السورية بتشكيل لجنة تحقيق خاصة فيما يتعلق بقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري·
ذلك لأن هذه الخطوة من جانب دمشق في هذا التوقيت بالتحديد إنما تعكس تجاوبا سوريا مهما مع المجتمع الدولي ممثلا في لجنة التحقيق الدولية في عملية الاغتيال·
فقد سبق وطالب رئيس اللجنة بضرورة أن تعمل القيادة السورية من جانبها على ملء الفراغات الواردة في التقرير الدولي في هذا الشأن·
في الوقت نفسه فإن مرسوم الرئيس بشار الاسد الذي نص على أن تتولى اللجنة التحقيق مع المدنيين والعسكريين في كل ما يتعلق بمهمة لجنة ميليس إنما يعطي قدرا أكبر من السلطة للجنة السورية بما يعكس الرغبة الحقيقة في التوصل الى الحقيقة المطلقة في هذه الجريمة اللغز·
لقد مثل تقرير ميليس جرس انذار جعل البعض يشعر بالقلق من أن يكون بمثابة مؤشر على توجه دولي للتصعيد ضد سوريا وفرض عقوبات وعزل النظام ·
الا أن هذا التحرك من جانب السلطات السورية يمثل حقا نقلة نوعية في أسلوب تعاطي دمشق مع الاهتمام الدولي بالقضية منذ اغتيال الحريري· وهو تحول يتعين أن يكون له مردود على الجانب الآخر·
وربما كان من المهم في هذا السياق الإشارة الى ما يلح عليه البعض بشأن ضرورة ألا يتعامل المجتمع الدولي مع الملف السوري بالطريقة نفسها التي عومل بها الملف العراقي قبل سقوط نظام صدام حسين·
لأنه ثمة فوارق كبيرة بين الحالتين·· فضلا عن أن المنطقة بعد الزلزال العنيف في العراق لأشد ما تحتاج إلى التقاط الأنفاس·
ذلك لأن التسرع بتفجير أزمة جديدة تحت أي صيغة أو أي مسمى عبر مجلس الامن الدولي أو خارجه لن تكون أبدا في مصلحة المنطقة·
بل أن سياسة من هذا النوع قد يراها البعض بمثابة تأجيج للتوتر والاضطرابات في العراق المجاور لسوريا·
في الوقت نفسه فإن تجديد الرئيس السوري تعهده بأن تتعاون حكومته مع لجنة التحقيق الدولية في القضية يؤكد أن سوريا تحاول فتح صفحة جديدة وانه ليس في نيتها الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي·
وهذه كلها أمور لابد من أن توضع في الاعتبار عند التعامل دوليا مع الملف السوري بحيث لا يتم تصعيد الأمور في اتجاه مزيد من الضغوط أو العمل على إحراج دمشق لأقصى حد ممكن تحت أي مسمى لأن من شأن ذلك أيضا تهيئة الأجواء لمزيد من التوتر وعدم الاستقرار في دمشق والمنطقة بأسرها·