مجرد أطياف··
كرس الدكتور أسعد عبدالرحمن جهده في مقاله الأخير ''هل لفظت خريطة الطريق أنفاسها؟'' (وجهات نظر، الجمعة 28 أكتوبر 2005)، ليجيب بالإيجاب على ذلك السؤال الذي وضعه عنواناً لمقاله! جال بنا الكاتب جولة طويلة في التفاصيل الخاصة بخطابات للرئيس الأميركي جورج بوش تناول فيها دور واشنطن في حل القضية الفلسطينية مستقبلاً، كما عرج الكاتب مطولاً على زيارة محمود عباس الأخيرة إلى الولايات المتحدة، ليخلص من كل ذلك إلى أن الالتزام الأميركي بإقامة الدولة الفلسطينية ليس قوياً، أو ثابتاً، بل هناك تراجع ملحوظ عن رؤية بوش حول إقامة الدولة الفلسطينية· ثم أجهد الكاتب نفسه أيضاً في استعراض وشرح وجهة النظر الإسرائيلية التي تعتبر خطة ''خريطة الطريق'' متجاوزة وميتة، وكذلك وجهة النظر الفلسطينية من حيث هي تدرك أن الشروط الإسرائيلية لتنفيذ الخطة تمثل محاولة تعجيزية واضحة، كما أن الانسحاب الأحادي من غزة شكل هو الآخر خطوة متقدمة في تجاوز الخريطة!
وحقيقة الأمر أن الكاتب لم يكن بحاجة إلى ذلك العرض التقريري المسهب كي يصل إلى خلاصة بديهية وغير خافية على الأميين والأطفال الرضع، بل كل ما سوده الدكتور عبدالرحمن في نعي ''خريطة الطريق''، يوازي من حيث الكم ويناظر من حيث المضمون كل ما كتبه سابقا من مقالات تتصنع الأمل الزائف في خطط ومشاريع أميركية كثيرة منذ أوسلو مروراً بقمم شرم الشيخ وما بعدها من اتفاقيات ولقاءات هدفها الأساسي كسب الوقت وتمييع القضية والتشكيك في الثوابت وخلط الأوراق أيضاً! وهكذا فخريطة الطريق، ولدت ميتة أصلاً، ولم ''توضع في محلول لحفظ الجثث''، كما يحلو للدكتور عبدالرحمن أن ينقل عن كاتب إسرائيلي، وإنما ولدت ميتة فماتت وتحللت ولم يبق منها إلا أطياف وهمية في مخيلات ثلة من كتابنا!
غيداء علوان - عمَّان