ارتفع عدد السيّارات المسجّلة في الدولة من 443 ألفا عام 1985 إلى نحو 920 ألف سيارة حاليا، بمعدل سنوي يصل 9,2%، وهو المعدل نفسه الذي نمت به رخص القيادة الصادرة عن دوائر المرور في الدولة، وهذه المعدلات بالطبع أعلى من معدّل النمو السكّاني، الذي لا يتجاوز 6,5%، وكذلك أعلى من المعدل السنوي لنمو الدخل القومي الذي بلغ في المتوسط نحو 7%، خلال هذه الفترة· إلا أن هذا التطور غير المتناسق ما بين هذه المعايير جميعها، أدى إلى تطورات سلبية عديدة، منها الازدحام المروري الذي تشهده طرقات المدن الرئيسية في الدولة اليوم، وندرة مواقف السيارات التي باتت مشكلة تؤرّق الكثير من السائقين، ما يجبرهم في نهاية الأمر على مخالفة القوانين، إضافة إلى ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن حوادث المرور، التي باتت تشكّل 15% من إجمالي الوفيات في دولة الإمارات، إلا أن الخطورة لا تكمن فقط في هذه النسبة المجرّدة، بل إن أغلب الذين يلقون حتفهم في هذه الحوادث هم من المواطنين في مستهل الفئة الشبابية القادرة على العطاء والإنتاج والمساهمة في حركة البناء والتنمية في المجتمع، التي تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما، وهو ما لاحظته بعض شركات التأمين بأنّ هذه الفئة العمرية تتسم بارتفاع نسبة حوادث المرور، ما دفعها إلى رفض التأمين الشامل لهذه الفئة، بينما رفع بعضها أسعار بوليصة التأمين·
وبقراءة آفاق التطوّر المتوقع في عدد السيّارات خلال السنوات القليلة المقبلة، يتوقع أن يصل عدد السيّارات في الدولة إلى نحو 1,4 مليون مركبة عام ،2010 وما يعنيه ذلك من مشكلات مرورية متعدّدة· وهكذا تفرض قضية الحاجة لبنية تحتية للمواصلات العامة في الدولة كقضية رئيسية خلال المرحلة المقبلة، وإيجاد حلول التنقل والمواصلات التي تحتاج إليها الدولة تماشياً مع مستوى نموها على المدى البعيد، وهو التوجّه الذي باتت تلتفت إليه العديد من الدول الخليجية مؤخرا· وفي مسعى لاستباق استفحال مشكلة الازدحام المروري وما يجرّه من مشكلات اقتصادية وأمنية متشعّبة، فإن دوائر المرور في الدولة مطالبة بدراسة وبحث مختلف القضايا ذات الصلة بالمواصلات العامة بهدف تطوير هذا القطاع وتفعيل الخدمات التي يقدّمها وجعلها أكثر جاذبية مع الاستفادة القصوى من التقنيات الحديثة في هذا المجال· إن إحدى المشاكل الرئيسية للمرور في مدن الدولة ناتجة عن التخطيط الحضري، وغياب دور المواصلات العامة داخل المدن، ولذلك يحتاج حلّها إلى رفع نسبة استخدام المواصلات العامة، وهو ما يتطلّب تطوير المواصلات العامة وفتح خطوط حافلات عامة متطوّرة في وسط المدن الرئيسية وتخصيص مسارات ومواقف خاصة لها، في ظلّ الدور الكبير الذي تلعبه الحافلات على صعيد المساهمة في تقليل عدد السيارات في الشوارع والحدّ من الاختناقات المرورية وخفض معدلات تلوّث الهواء، وحماية البيئة، والتقليل من الحوادث وتخفيض عدد السيارات الصغيرة المستخدمة في التنقّل، بما تشكّله خدمات النقل الجماعي من منفعة عامة للجميع من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae