منذ سنوات والسؤال مطروح: هل انتهت الحرب الأهلية في لبنان؟
منذ أسبوع والإجابة تتشكل بوضوح مخيف، بدءا بالمناوشات التي حصلت في أطراف مخيم عين الحلوة، ثم في مقتل مساح كان يعمل مع الجيش اللبناني في مسح الحدود اللبنانية- السورية في البقاع الغربي، وبالقرب من نقطة تسيطر عليها جماعة أحمد جبريل، لتصل الذروة، مع مهرجان ''قادمون··'' احتفالاً بيوم القدس العالمي قبل يومين والذي رعاه ''حزب الله'' في بيروت، ودولة ''حزب الله'' في طهران·
ولنبدأ من عين الحلوة والمشاهد المخيفة التي خرجت من حواري المخيم وأعادتنا 30 سنة الى الوراء·
كان شيئاً مروعاً رؤية مناظر البلطجة تتكرر·· بنفس طريقة حمل الكلاشينكوفات، بنفس الرعب البشع المرسوم على الذين كانوا يحاولون الهرب، بنفس الاستخفاف الذي تعاملت به الدولة مع من دمروا لبنان وأهله· خبر في وسائل الإعلام· استنكار رسمي· تحذير من مغبة اللعب بأمن البلاد·· وكان الله يحب المحسنين·
الشيء نفسه حصل مع حادث مقتل المساح اللبناني· بلاغ من الجيش· دفن القتيل·· والباقي بنزين على النار التي ''تعس'' خراباً آت لا محالة·
أما الخوف الحقيقي، فكان له استعراض عضلات وأسلحة ورسالة واضحة، شاركت فيها ''الدولة'' ممثلة بالوزير شارل رزق، ووزراء ''حزب الله''، الذين حضروا المهرجان العسكري بامتياز، والذي أعد في أطراف الضاحية الجنوبية من بيروت، تحت عنوان مثير، هو ''قادمون··'' ، وذلك بعد أن كان ''حزب الله'' قد اعتبر أن حدود مقاومته لن تتعدى الشريط الحدودي اللبناني، فإذا بها تتهيأ للوصول إلى القدس·· مروراً ببيروت·
جميل أن نخيف إسرائيل- لو خافت· بطولة أن تكون لدينا وبعد سنوات الهزيمة، وإرادة ''حزب الله'' في دحر العدو عن أرض لبنان، الرغبة في تحرير القدس· حلم كل عربي، وكل مسلم وكل منصف في حق الإنسانية·
كل هذا مفهوم· لكن الذي ليس مفهوما هو، لماذا هذا الإصرار، في الوقت الذي مد الفلسطينيون أصحاب القضية يدهم الى إسرائيل بالتفاهم السلمي أياً كانت تبعاته، لماذا، وبعد أن حرر ''حزب الله'' الأرض، يخاطر بإعادة احتلالها من جديد؟
لماذا وبعد أن دفع رفيق الحريري ورفاقه الشهداء دية القرار ،1559 ودفن مليون ونصف المليون لبناني من كافة الطوائف، شبح الحرب الطائفية البغضاء تحت أرجلهم في مسيرة 14 مارس ،2005 وأعطى الرئيس الفلسطيني الضوء الأخضر للحكومة اللبنانية بحسم قضية سلاح المخيمات كما يقتضي القانون·· لماذا نعود إلى نقطة الصفر··؟ إلى مرحلة اللاعودة·
حق ''حزب الله'' محفوظ، ومحفور في قلب كل من ينتمي إلى لبنان، وكل من يحمل جوازه، وكل من تمنى أن تلقن إسرائيل ذات يوم درساً، يرفع بعده العرب رؤوسهم التي غمروها في الرمال كالنعام· لكن ليس من حق ''حزب الله''، ولا من حق الفصائل الفلسطينية المتواجدة في لبنان، ولا من حق من يحرك كل هؤلاء أن يعيدوا لبنان ساحة تجاذبات ومعارك الغير فيه· ليس من حقهم إخافة السني·· فيصمت· والمسيحي··· فيرحل· والدرزي··· فيلجأ لمن يحميه·
وقبل ذلك، من البديهي أنه ليس من حق إسرائيل التدخل في الشأن اللبناني، ولا من حق الولايات المتحدة الأميركية استخدام الورقة اللبنانية وقرارات مجلس الأمن الدولي لتحقيق مآربها في سوريا والعراق·
الفتنة التي قالوا إنها آتية مع تقرير ميليس، لم تركب قطاره، يبدو أنها فضلت محطة تيري رود لارسن وتقريره لتركب وتوصلنا إلى الحتف الجهنمي·