لم يمض وقت طويل على كشف الانحرافات التي تمت في ملف النفط مقابل الغذاء، والتي تضمنت تلقي رشاوى ووقائع فساد أخرى من مسؤولين كبار في البرنامج حتى سمعنا عن اتهامات توجه لمسؤول في منظمة الصحة العالمية كما ورد في هذه الجريدة ''الاتحاد'' بإثارة الفزع وهو اتهام يمكن أن يحمل في طياته اتهاماً آخر· إن الفساد اليوم ينتشر في هيئات لم يكن من الوارد من قبل الحديث عن وجود فساد فيها مثل الهيئات القضائية والمؤسسات الدينية· وقصدي من هذه المقدمة هو الدخول إلى موضوع أنفلونزا الطيور التي قرأنا اليوم أن انتشارها بين البشر قد أصبح وشيكاً· والحقيقة أننا نقرأ بيانات متضاربة عن تفشي المرض في بلاد معينة، وعن احتمال انتقاله لبلاد أخرى، أو بيانات عن وفاة ضحايا لهذا المرض· ومثل تلك البيانات التي قد تتضارب أحياناً تؤدي إلى إصابة الناس بحالة من الهلع وامتناعهم عن تناول الطيور مما يؤدي إلى خراب مزارع الدواجن وتكبد المزارعين لخسائر فادحة· قد نقرأ أيضا أن هناك دواء فعالا يمكن أن يعالج المرض أو أن السلطات في الصين مثلا اتهمت مسؤولا دولياً يعمل في منظمة الصحة العالمية بإثارة الذعر، أو أن أميركا أصدرت بيانات تحذر فيها من انتشار عقاقير مكشوفة لعلاج المرض· إن المشكلة هي أن الكثير من البلدان تأخذ تصريحات مسؤولي منظمات الأمم المتحدة المعنية وهي في حالتنا هذه منظمة الصحة العالمية على أنها كلام لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنهم لا يمكن أن يكونوا على خطأ· أليسوا هم الذين يعرفون كل شيء عن المرض، وعن أسبابه وعن انتشاره وطرق علاجه؟ وبعد ذلك، وبعد مرور بعض الوقت يتبين أن الأمر لم يكن على ذلك النحو من الخطورة الذي حاولت المنظمات العالمية تصويره به (حدث هذا من قبل في مرض حمى الوادي المتصدع وجنون البقر) وكان هناك نوع من المبالغة في الأمر·
فوزي عبد الودود- أبوظبي