خسارة حقيقية
ليس لأن حرباً دولية تشنها الولايات المتحدة الأميركية على الإرهاب الآن، وليس بسبب ما كتبه الكاتب الأميركي جون هيوز ونشر في صفحات وجهات نظر يوم الخميس 27 أكتوبر أقول هذا، على الرغم من أنني أعلق عليه بهذه الأسطر القليلة· لكن والحق يقال، فإن في قرار إغلاق وتصفية المراكز الثقافية الأميركية، في مختلف أنحاء العالم، وتخفيض منح وفرص التبادل التعليمي والثقافي بينها وبقية بلدان العالم، خسارة كبيرة لتلك البلدان والشعوب، قبل أن تكون خسارة وخطأ استراتيجياً فادحاً ارتكبته واشنطن، بتصفيتها لتلك الأنشطة والبرامج· وإن كانت ثمة خطوات تصحيحية يمكن أن تحسب لصالح إدارة بوش الحالية، فتتمثل في هذا الاهتمام الأخير الذي تبديه المستشارة الإعلامية كارين هيوز وكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية، بدور الدبلوماسية الثقافية في ترسيخ العلاقات الخارجية الأميركية، ونشر الثقافة الأميركية بآدابها وفنونها وموسيقاها وأفلامها بين مختلف شعوب العالم، مع تبادل قيم وثقافات هذه الشعوب، وتعريف المجتمع الأميركي بها· وقد كان من الغريب أصلاً أن تغفل الدولة العظمى التي هندست فكرة العولمة وحولتها إلى واقع دولي، دور الثقافة في هذه العملية، إن كانت العولمة مهتمة في الواقع بصيانة خصوصية الشعوب وثقافاتها، إلى جانب نشر ما هو إنساني وعام مشترك بين مختلف الثقافات الإنسانية· أما في مضمار الحرب على الإرهاب، فما من شيء قادر على هزيمة الإرهاب والتطرف أكثر من الحوار الثقافي الفكري، والتعرف على الآخرين من خلال ثقافتهم وفنونهم وفكرهم وإبداعهم· ولكل هذه الأسباب مجتمعة، فإن من الجيد جداً أن وعت واشنطن الدرس والواجب المقدم على كل الواجبات والدروس·
أيمن حسن إبراهيم- السودان