صدام وبوش معاً
حقاً كما قال السيد يسين في مقاله ليوم أمس، على هذه الصفحات، فنحن في ''عصر الحماقات السياسية!'' التي لم تسلم من ممارستها حتى أكثر الدول عراقة في الفكر العقلاني والنظام الديمقراطي! ولعله أصاب لب الحقيقة حين قارن حماقة صدام حسين حين قرر اجتياح الكويت عام ،1990 بحماقة جورج بوش الابن في غزو العراق واحتلاله عام ··2003 ليس فقط من منظور الانتهاك الذي انطوى عليه فعلا بوش وصدام للقانون الدولي ولكل القيم والأعراف ذات الصلة، لكن أيضا لجهة العواقب الوخيمة التي ترتبت على تينك الحماقتين·
في المرة الأولى قام صدام بغزو دولة جارة وشقيقة هي الكويت، فكان مخطئا في حساباته التي أوهمته بأن المعركة هناك رابحة وأن العالم سيعقِّب على فعله بالتصفيق والتشجيع، لكن أكثر من 30 دولة تحالفت ضد العراق ليتعرض إلى أبشع وأمر هزيمة عسكرية لحقت بدولة منذ الحرب العالمية الثانية، ثم كانت توابع الحرب، وهي 12 عاما من الحظر والعقوبات الاقتصادية، أشد وطأة وأنكى من الحرب ذاتها!
أما الحماقات السياسية لبوش الابن فيمثل ''المستنقع العراقي'' في الوقت الراهن شاهدا قويا عليها، إذ رغم التحذيرات المختلفة ومظاهر الاحتجاج التي عمت العالم ضد الحرب، فإن بوش الذي لعبت برأسه أفكار عصابة ''المحافظين الجدد'' وتوهم في نفسه مهمة ''رسالية'' عظمى·· ألقى بكل الأفكار الأخرى مندفعاً نحو حرب احتلال العراق، وكأن الأمر ليس أكثر من تحطيم الآلة العسكرية لصدام حسين وجيشه! وها هو بعد أزيد من عامين ونصف العام يدفع الثمن غاليا لتلك الحماقة السياسية من أرواح جنوده ومن شعبيته في الداخل·
وهكذا فممارسة الحماقة السياسية ليست سلوكا تختص به الدول النامية أو الفقيرة أو ذات الأنظمة الديكتاتورية، ولكن الدول العظمى ذات الأنظمة الديمقراطية العريقة قد تقع هي أيضا في هذا النوع من القرارات المميتة!
حازم حسين- المنامة