تحدثت الصحف المحلية في الآونة الأخيرة عن مشكلة مجموعة من الخريجات المواطنات، اللاتي رفضت وزارة التربية والتعليم تعيينهن وانضممن إلى طابور العاطلين عن العمل بسبب عدم اعتراف الوزارة بتخصص ''تقنية التعليم'' رغم اعتراف التعليم العالي بالشهادة الجامعية للخريجات!· وردّت الجامعة من جانبها متهمة الوزارة بعدم مواكبة التطورات الحديثة التي فرضت تدريس هذا التخصص الذي يحظى بالقبول في دول خليجية أخرى كما تقول الجامعة في ردّها، واللافت أن الصحف نسبت إلى ''مصادر'' لم تسمّها أو تحددها داخل الوزارة قولها، إن الحل الوحيد هو تغيير مسمّى الشهادة وإبراز التخصص الفرعي وليس التخصص الرئيسي الذي وصفته تلك المصادر بأنه ''عائم وغير محدد''، وعندها يمكن قبول طلبات تعيين الخريجات المواطنات!· الواضح أن هذه المشكلة لها العديد من الأوجه والأبعاد· أولها أن هناك غياباً تاماً للتنسيق والحوار والنقاش بين وزارة التربية والجامعات التي تدرس تخصصات ذات صلة وثيقة بعمل الوزارة، خصوصاً إذا ما تعلق الأمر بتخصص مثل ''تقنية التعليم'' الذي يجعل مصير الخريج مرتبطاً تماماً بالعمل في وزارة التربية والتعليم، إذ لا يتوقع أن تقبل أي جهة أخرى تعيين خريجي هذا القسم في وظائف أخرى·
الكثيرون يتحدثون عن حتمية التنسيق بين تخطيط سياسات التعليم من جهة، واحتياجات سوق العمل من جهة ثانية، والشباب من جانبه يراهن على وجود هذا التخطيط، ويفترض بداهة أن هناك جهات حكومية تضطلع بهذه المهمة كي لا يجد هؤلاء الشباب أنفسهم في مهب الريح بعد نهاية مشوار التعليم· ولكن الجميع يفاجأ بأن الحديث عن هذا التنسيق والآمال المعلّقة عليه في وادٍ وما يحدث على أرض الواقع في وادٍ آخر!·
أخطر ما في هذه المسألة أنها تثير المخاوف من أن يواجه مئات الخريجين الإحباط ذاته بسبب مواصلتهم أو انخراطهم في دراسة تخصصات لا علاقة لها، أو قد لا تكون لها علاقة بنوعية المناهج والمواد الدراسية التي تعتزم وزارة التربية تطبيقها ضمن أي خطط محتملة للتطوير خلال السنوات المقبلة، أو أن تتراجع وتتقلص الحاجة إلى تخصصات جامعية معيّنة بفعل تعديلات المناهج الدراسية وما قد يطرأ عليها من تغييرات محتملة·
والمؤكد أن كثرة ترديد كلمة ''الإحباط'' بين شبابنا وداخل مجتمعنا هي أكثر ما يلفت الانتباه، ويثير أو يفترض أنه يثير، قلقا مطلوبا وبإلحاح لدى الجهات المعنية، حيث بدأت هذه الكلمة تتسلل إلى المسامع كرد فعل لمشكلات اجتماعية مثل البطالة التي كثر الحديث عنها، ولم يزل الجميع يجترّ أرقامها ويفنّد أخطارها وتأثيراتها، من دون أن تلمس أي جهود رسمية أو أهلية أو خطط لأي هيئة أو وزارة تتحرك فعليا لتطويق المشكلة واحتواء خطرها·
تبادل الاتهامات وغياب التنسيق ولغة الحوار بين الجهات والدوائر المعنية بقطاع التعليم ينبغي ألا يدفع فاتورته شباب الخريجين بأي حال، ولا ينبغي أن ينتظر هؤلاء أيضا حسم خلاف لا ذنب لهم فيه يدور على صفحات الصحف بين الجامعات الخاصة ووزارة التعليم·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae