يواجه الإسلام اليوم حملة شديدة من الكراهية والعداء يجب أن ننتبه لها جيداً، وألا ننظر إليها بصورة عفوية أو سطحية خاطفة، خاصة بعد أن تحولت هذه الحالة في العقل الغربي إلى نوع من الهوس والهستيريا والخوف والكراهية لكل ما يتعلق بالإسلام· وخطورة هذه الحالة أنها أصبحت تحمل في داخلها جينات ومظاهر عودة الحملات الصليبية من جديد، وهذا أمر أصبح واضحاً في توجهات الخطاب الأميركي خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ،2001 وبعد أن أصبحت الحركة الإنجيلية تمثل قلب الحزب الجمهوري الذي يقود السياسة الأميركية اليوم، وأصبحت المسيحية الصهيونية تشكل رؤيته الاستراتيجية للعالم حيث تحول الخطاب الأميركي السياسي على لسان بوش، إلى خطاب ديني شديد الحدة، خطاب به الكثير من العبارات الدينية المستخرجة من ''سفر المزامير''· وحسب وصف الكاتب الإنجليزي غيلبرت كيه فإن أميركا تحولت إلى أمة بروح كنيسية! وخطورة هذا التحول أن هذا الخطاب يتوجه مباشرة إلى الصدام مع الإسلام، وقد تحرك بقوة نحو العالم الإسلامي وفق استراتيجية صليبية واضحة عبّر عنها بوش بشكل صريح وواضح في 16/9/2001 عندما قال: ''إننا نخوض حملة صليبية استباقية''، صورت بعد ذلك على أنها مجرد زلة لسان، وصدقنا التبرير وقبلنا الاعتذار· لكن مثلما يقول سيدنا علي رضي الله عنه: ''غش القلوب يظهر على صفحات الوجوه وفلتان الألسن''، حيث إن كل المؤشرات والأحداث والحروب التي وجهت ضد المسلمين أكدت أنها لم تكن مجرد زلة لسان بل كانت استراتيجية واضحة ومدروسة تم تطبيقها· إن توجهات السياسة الأميركية نحو العرب والمسلمين كانت تتحرك وفق وصية الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون، كما دونها في كتابه ''الفرصة السانحة''، والتي أشار فيها بصراحة إلى أن العدو القادم هو الإسلام، وأنه لابد من مواجهته بقوة· وفي خطاب ألقاه بوش الإبن يوم 6/10/2005 تعهد بأن يدخل حرباً طويلة وقتالاً شديداً ضد الإسلام إلى أن ينتصر عليه· هذا الخطاب يتشابه تماماً مع ما قاله القائد الفرنسي غورو عند قبر القائد الإسلامي العظيم صلاح الدين الأيوبي، ويتشابه أيضاً مع ما قاله القائد البريطاني ألمبي خلال الحرب العالمية الأولى عندما دخل أرض فلسطين مع قواته·
أضف إلى ذلك ما كشفه الدكتور نبيل شعث وزير الإعلام الفلسطيني في مقابلة مع إذاعة الـ''بي· بي· سي''، من أن الرئيس بوش قال بحضور الرئيس أبومازن في يونيو 2003: ''إن الذي يحركني هو تكليف من الله، كان الله يقول لي: جورج اذهب وحارب أولئك الإرهابيين في أفغانستان، وقد فعلت، ثم قال لي الله: جورج اذهب وأنهِ الطغيان في العراق، وقد فعلت، والآن مرة أخرى أشعر بكلمات الله وهي تصل إلي: اذهب واعطِ الفلسطينيين دولتهم واحصل للإسرائيليين على أمنهم وحقق السلام في الشرق الأوسط، وأقسم بالله أنني سأفعل ذلك''·
ولعل أخطر ما في الأمر إذن أن بوش أصبح ينطلق في حروبه ضد العرب والمسلمين من شعوره بأنه نبي وأنه يوحى إليه، وهذا ما أشار إليه بوب وودورد في كتابه ''خطة الحرب'' حينما ذكر أن بوش عندما دخل مرحلة اتخاذ القرار الحاسم في ضرب العراق قال له: كنت أصلي طلباً للقوة من أجل تحقيق إرادة الرب، وبالتأكيد لن أقوم بتبرير الحرب بناء على إرادة الرب· والأمر الأكثر خطورة ما أشارت إليه صحيفة خليجية في 19/10/2005 من أن الرئيس الأميركي حذف عبارة ''بني إسرائيل'' من سورة المائدة الآية 32 أمام ضيوفه من المسلمين وعلى مائدة إفطار رمضاني في البيت الأبيض·
السؤال المهم هنا: هل يتيقظ العرب والمسلمون للخطر الصليبي القادم؟