ليس غريباً أن يطغى تقرير المحقق الدولي ديتليف ميليس حول ملابسات مصرع رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، على معظم ما نشر في صفحات ''وجهات نظر'' الصادرة يوم الأربعاء 26 أكتوبر الجاري· فقد كان ذلك هو الموضوع الذي كتب عنه كل من الدكتور خالد الدخيل، والدكتور برهان غليون والأستاذ خالص جلبي، متزامناً مع طغيان المادة نفسها على معظم عناوين الصحف المحلية والإقليمية والدولية· والسبب بالطبع أن ما جاء في التقرير الدولي، عن احتمال تورط جهات عربية في حادثة الاغتيال، يحمل معه الكثير من نذر أزمة سياسية داخل النظام الإقليمي، إلى جانب ما يحمله من نذر مواجهة دولية بين سوريا والمجتمع الدولي ومؤسساته· وهذا هو ما يلحظ من تصاعد الضغوط الدولية على سوريا، ومطالبتها بإبداء المزيد من التعاون في التحقيق والوصول إلى حقيقة ما حدث·
وعلى رغم اختلاف التناول وزوايا النظر بين ما كتبه كل من الدكتور خالد الدخيل وبرهان غليون، إلا أن هناك نقاط تلاق كثيرة تجمع بينهما· وكما رأينا فإن أبرز ما دعا إليه الكاتب الأول هو أن تتخلى سوريا عن المراوغة وأن تواجه الموقف دون تأخير، وألا تكرر التجربة الليبية التي انصاعت أخيراً وسلمت كل شيء بعد مشوار طويل من الإنكار والمراوغة· أما الكاتب برهان غليون فيعيب على دمشق تقاعسها عن المشاركة في التحقيق حول الجريمة والتعاون مع المجتمع الدولي، في الكشف عن المسؤولين عنها وملابسات حدوثها والمدبرين لها· والفكرة الرئيسية التي يمكن قراءتها بين وتحت هذه السطور، أن السبيل الوحيد الممكن المضي فيه، هو التخلي عن المراوغة وإبراء الذمة واليد فيما يزعم كل ألا يد له فيه· فليس أدعى لإثارة ظلال كثيفة من الريبة والشك، أكثر من التزام الصمت، بكل ما يثيره الصمت من أسئلة غامضة حائرة· وللدول العربية رصيد وتجربة في مجال العمل الاستخباراتي والتحقيقات الجنائية والأمنية، ما يأتي بالجناة من أعمق أعماق الأرض·· فلم لا تتعاون وهي صاحبة المصلحة الأولى في الكشف عن الجناة؟!
يونس الشريف- الشارقة