ردا على د.أحمد يوسف أحمد.. سوريا أم العرب جميعا؟
من يقرأ مقال الدكتور أحمد يوسف، والمنشور على هذه الصفحات يوم أمس الثلاثاء بعنوان ''تأملات في تقرير ميليس وتوابعه''، يلاحظ مدى ''التردد'' أو التحاشي بصفة متعمدة من جانبه للوصول إلى أية أحكام أو استنتاجات حاسمة! فمثلا أشار الكاتب إلى المهنية العالية لرئيس فريق التحقيق الدولي ديتليف ميليس، لكنه لم يبرئ التقرير؛ ''فما سبق لا يعني أن التقرير بعيد تماما عن التسييس، وينبع تسييس التقرير في تقديري من مصدرين: أولهما توقيت إعلانه، والثاني التوظيف الأميركي له''! وربما نتفق مع الكاتب فيما أثاره من شكوك حول الحرص على إعلان التقرير في التوقيت الراهن تحديدا حيث تحتدم الأزمة بين سوريا والولايات المتحدة الأميركية·
لكن ماذا عن الدور العربي؟ وهل يمكن أن يمثل عنصر قوة للموقف السوري في مواجهة التوظيف السياسي الأميركي لنتائج التحقيق؟ لم يشأ الكاتب أيضا أن يقدم إجابة فاصلة حين توقع أن ''يواجه العرب معركة جديدة مع مجلس الأمن، وقد تواجهها سوريا وحدها بالنظر الى تردي الأوضاع العربية على نحو مؤسف''! رغم ذلك ما من أحد يشك في أن سوريا، وفي جميع الحالات، سيكون عليها أن تتدبر أمرها بنفسها فقط، دون أي حساب على الموقف العربي، إذ بات واضحا حتى الآن أنه لا تكاد توجد عاصمة عربية واحدة مستعدة لتسجيل موقف ضد التحرش الأميركي بدمشق، وما يجري في إطاره من ابتزاز واضح يستغل جميع الوسائل دون استثناء!
ولعل تلك إحدى الحقائق التي لم يشأ أيضا كاتب المقال أن يفصح عنها مباشرة، وربما عول على فهمنا، كقراء، في إدراكها! لكن في لحظات عصيبة ومواقف وتحديات خطيرة تمس صميم الأمن القومي، يجب ألا يحل التلميح محل التصريح، وألا يُترك شرح الحقائق لفهم قطاع عريض من القراء قد لا تغنيه الإشارة عن العبارة!
فهل إذن باتت ذهنية الخوف والتحاشي والحذر، أكبر ظاهرة عامة وأوضحها تأثيرا وأفدحها، في زمن الهزائم والفرقة وانكسارات الذات العربية المتتالية؟!
عبير زهير الخيوني - بروكسل