شاهدت محاكمة الطاغية صدام حسين صباح يوم الأربعاء الماضي، وتذكرت ما شاهدته وما شاهده العالم، في بعض اللقطات التي تسربت خلال فترة السبعينيات والثمانينيات من محاكمات صورية وتعامل الطاغية وأزلامه عندما كانوا في الحكم، مع المواطنين العراقيين الأبرياء··
في محاكمة طغاة العصر، دخل المجرمون وعلى رأسهم الطاغية الأكبر صدام ورفاقه، إلى قاعة المحكمة بكل احترام، وتقدير· على الرغم من وقاحة وقبح العصابة المجرمة، وخاصة صدام في ردوده الوضيعة، إلا أن القاضي تعامل معهم بأدب جم، وبإنسانية وود وهدوء يحسد عليها·· وعلى الرغم من معرفة العالم أجمع بما ارتكبه هؤلاء من جرائم يندي لها جبين البشرية، من قتل وسفك لدماء الآلاف من الأبرياء، واغتصاب للنساء والأطفال، وسحل المعارضين في الشوارع وتذويب الأحياء في الأحماض الكبريتية، إلا أن هيئة المحكمة راعت جميع الظروف الإنسانية لهم، إلى درجة أن القاضي اعتذر لهم عن قيام حرس المحكمة بنزع أغطية الرأس (الغترة والعقال)، وأمر بإعادة أغطية الرأس!
شاهدنا القاضي وهو يسألهم باحترام ويناديهم بلقب ''يا حجي'' (أي يا حاج)· وسمعنا القاضي وهو يلوم الذين جاءوا بالمتهمين إلى قاعة المحكمة وهم مكبلون بالسلاسل، وأمر بنزع القيود عنهم!·· مع العلم بأن المتهمين الخطرين في جميع المحاكم الدولية، في الغرب والشرق وفي الشمال والجنوب، يؤتى بهم مكبلين بالأغلال، بدءاً من أعناقهم وانتهاء بالأرجل!
الغبي صدام حسين والمجرم الجاهل طه يسين رمضان، رفضا الإجابة على أسئلة القاضي، زاعمين أن المحكمة غير شرعية!·· وأنه ما زال يحمل لقب ''رئيس الجمهورية العراقية''!!·· مع العلم بأن صدام يعلم تماما أنه لو خرج من قاعة المحكمة إلى الشارع، لوقع بين أيدي الشعب العراقي الغاضب الذي لن يتردد في سحله في شوارع بغداد··
حين شاهدت المحاكمة، تذكرت تلك اللقطات التي تسربت في السبعينيات حين جمع صدام حسين أعضاء مجلس قيادة الثورة في جلسة مغلقة، وأخذ ينادي على الذين أيدوا الوحدة بين سوريا والعراق آنذاك، ثم أخرجهم مع القاعة واحداً تلو الآخر بعد أن تلا على كل واحد منهم تهمة ''الخيانة العظمى بمبادئ الثورة''·· ثم يقوم رجال الأمن بإخراجهم عند باب القاعة وإطلاق الرصاص عليهم وكأنهم كلاب ضالة!·· كانت أصوات طلقات الرصاص وأنين المقتولين تسمع عبر الشريط التلفزيوني المتسرب!
وتذكرت أيضا اللقطات التي تم تصويرها في عام 1991 عندما دخلت قوات الأمن البعثية إلى مناطق الجنوب العراقي، لتعيث في الخلق فسادا·· كانت اللقطات تظهر المجرمين الطغاة، عزت الدوري، وطارق عزيز، وطه يسين رمضان، وعلي حسن المجيد، وهم يقومون بسحب شباب العراق على الأرض بوضع العقال والحبال في رقابهم وجرهم كالحيوانات الموبوءة إلى أعمدة خشبية منصوبة في الخلاء، ثم القيام بإطلاق الرصاص عليهم دون رحمة، متجاهلين صرخات الاستغاثة والتوسلات التي كانت تنطلق من الأبرياء المساكين··
بين الطريقة الإجرامية البشعة التي كان الطاغية صدام يحاكم بها الشعب العراقي، ومحاكمة الطاغية صدام حسين التي شاهدناها يوم الأربعاء 19 أكتوبر ،2005 ، يكمن فرق كبير·· فرق بين جبروت الطاغية وإنسانية الشعب··