فجأة قفزت الألعاب النارية لتصبح أحد مواضيع الساعة المتداولة في الأخبار وتعليقات أبرز كتّاب صحفنا اليومية، والمفاجأة ليست بالطبع في مساحة تناول الموضوع صحفياً، ولا حتى أيضاً في حجم انتشار هذه الظاهرة في مدننا، ولكن في اتهام صريح وجّهه مسؤول أمني رفيع المستوى إلى بعض موانئ الدولة بأنها ''بوابة عبور'' تدخل منها كميات كبيرة من المفرقعات والألعاب النارية التي أسفرت عن إصابات عديدة خلال الفترة الوجيزة الماضية· وهذه الاتهامات ينبغي أن تعامل معاملة جدّية ليس فقط لكونها تشير إلى بوابات عبور هذه المواد الممنوعة، ولكنها تشير إلى أمر أكثر خطورة ويتمثل في أن الخلل الرقابي في ''بعض'' الموانئ قد يتسبّب في دخول مواد وأشياء أكثر خطورة وضرراً، ربما تكون المخدرات إحداها، كما قال المسؤول الأمني، ولكنها بالتأكيد ليست أخطرها في ظل ما يشهده العالم من استنفار صحي في مواجهة انتقال فيروس ''إنفلونزا الطيور''، وأيضاً استنفار أمني لمواجهة سعي تنظيمات الإرهاب إلى استغلال أي خروقات أمنية في أي دولة للتغلغل وتنفيذ عمليات إجرامية·
وربما يعجب المرء حين يدرك أن من يخالف القوانين المحلية ويقوم بجلب هذه المفرقعات تفرض عليه غرامة مالية يقال إنها لا تتجاوز الخمسمائة درهم!! وهذا بحدّ ذاته شيء لافت ولا يستحق أن نطلق عليه لفظ العقوبة، لأن العائدات المالية من وراء جلب هذه المواد الممنوعة تغري بالمغامرة وعقد صفقة من هذا النوع، وبالتالي فلا غرابة في أن نكتشف تزايد هذه المفرقعات والألعاب النارية في شوارعنا بل وتباع علنا في البقالات الصغيرة، لأنّ من أمن العقوبة أساء الأدب كما يقولون!
اللافت أن أحد المسلسلات المحلية المعروضة حالياً قد لجأ إلى هذه الألعاب في إحدى حلقاته واعتبرها ''وسيلة'' لإفساد عرس أحد الجيران انتقاماً منه، في حين بحّ صوت خبراء علم النفس من خطورة الدعاية المجانية لهذه الوسائل التي تربي الأطفال والمراهقين على العنف وتجعل منه مشهداً تقليدياً معتاداً ضمن حياتهم اليومية·
وبعيداً عن الدخول في التفاصيل، فإن المؤكد أن خبراء المفرقعات لدينا يدركون تماماً مستوى خطورة وجود هذه الألعاب النارية وما يطلق عليه مفرقعات الأطفال بكميات كبيرة، فالصّلة غير مقطوعة تماماً بين بعض هذه الألعاب الصغيرة والجرائم الخطرة الكبيرة، وينبغي أن نتنبّه إلى خطورة مساحات التآمر التي يمكن أن تذهب إليها أي عقول مريضة·
والمأمول أن تترجم قرارات المنع والحظر الخاصة بمنع الألعاب النارية والمفرقعات التي يلهو بها الأطفال والمراهقون، إلى إجراءات وقرارات أمنية تعاقب وتتصدّى بجدية لأطراف الدائرة الجهنمية المتورطين في جلب وتوزيع والمتاجرة بهذه الألعاب، خصوصاً أن تصريحات المسؤول الأمني التي نشرتها صحيفة ''الاتحاد'' يوم الأربعاء الماضي، تؤكد أن المعلومات متوافرة وبدقّة بحيث يمكن تطويق هذه الظاهرة ومحاصرتها وتجفيف منابعها· انتشار ظاهرة ألعاب الأطفال قد يبدو للكثيرين أمراً بسيطاً ولكنه يلفت الانتباه إلى أمور وممارسات سلبية عديدة تستحق من الجهات المعنية عناية استثنائية·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae