رداً على جمال خاشقجي.. أليس من حسنة أخرى؟
انطوى مقال الأستاذ جمال خاشقجي ''من مصر إلى العراق·· صراع الإخوان والسلفية'' (وجهات نظر، الثلاثاء 18 أكتوبر 2005) على تناقضات واضحة، كما لم يخل من بعض الخلط والالتباس البينين في معلوماته!
وإذا كان خاشقجي نفسه أحد الذين ترددوا على بيشاور في باكستان خلال سني الجهاد ضد الاتحاد السوفييتي وكان على صلة مباشرة بتلك المرحلة، فإن الصراع والمنافسة اللذين يتحدث عنهما بين الشيخ عبدالله عزام، باعتباره ممثلاً لمنهج ''الإخوان المسلمين''، وبعض العناصر السلفية المتشددة التي ستصبح فيما بعد قيادات لتنظيم ''القاعدة''، ربما لم يكن بالبروز أو الحدة التي وصفها الكاتب، بل كانت ثمة إلى ذلك الحين، أجندة واحدة وبرنامج مشترك يجمع ما أصبح اليوم فصائل تنظيمية وسياسية شتى ومتغايرة· ولعل من الأدلة على إثبات ذلك موقف الأنظمة العربية ذاتها التي قدمت دعماً لا محدوداً للجهاد الأفغاني طوال سنواته تلك، إذ لا يعقل أن يكون إسنادها متجهاً لقوة أو تيار تتقاسمه داخليا نزعات مختلفة ويعتمل بتلك الصراعات التي أشار إليها الكاتب!
وثمة مسألة أخرى، من جملة ما جاء في مقال خاشقجي، تستحق التفحص: هل إذا ما قيل إن الجماعات الجهادية والتي أصبحت أسماؤها معروفة اليوم، تعارض الانخراط في العملية السياسية القائمة في عدد من البلدان العربية، يكون صواباً، وبالقدر نفسه، القول إن جماعة ''الإخوان المسلمين'' ترفض المنهج الجهادي ولا تتبناه مطلقاً؟ بسبب التناقض الذي يقع فيه الكاتب، لا يمكننا التوفيق بين تقييمه الإيجابي لمنهج عمل ''الإخوان'' في الميدان السياسي والاجتماعي والتربوي، وبين قوله إن فهم الصراع بينهم وبين الجماعات السلفية ''ضروري لفهم الآليات التي استطاع بها المتطرفون اختراق بعض من العقل المسلم، وإلغاء مفاعلات المنطق الفطري والاعتدال الذي يصنع المسلم''، فهل ''الإخوان'' هم أيضاً جزء من ذلك الاختراق والإلغاء؟ إنه كلام يتناقض كليا مع الاستهلال الذي بدأ به الكاتب مقاله مشيدا بموقف ''إخوان'' العراق ممثلين في ''الحزب الإسلامي العراقي'' الذي دعا أنصاره في الآونة الأخيرة الى التصويت على مشروع الدستور في استفتاء السبت الماضي!
وربما جاز لهؤلاء الذين حظوا بثناء خاشقجي أن يتساءلوا: ألم تكن لنا أية حسنة أخرى تستحق شكره قبل الآن، غير القبول بدستور كتب في ظل الاحتلال الأميركي لبلادنا؟!
فهيم أحمد- الدانمارك