لا يوجد دين واجه العداء والتضليل والهجوم وسوء الفهم من الغرب وبعض من ينتسبون إليه بالبطاقة، مثلما يحدث الآن للإسلام، ورغم ذلك فإن الإقبال عليه في الغرب يتصاعد كل يوم من جميع الأعمار والفئات خاصة العلماء والمثقفين منهم· وما يميز هذا الإقبال الشديد هو زيادة دخول النساء الغربيات في الإسلام، وذلك بعد أن وجدن فيه كما تشير الباحثة البريطانية المسلمة ''هـ· بول'' أنه دين الحق· دين واقعي زودهم بما كانوا يفتقدونه وعرفهم على أهدافهم الصحيحة في الحياة، وكشف لهم مغزى الحياة ووهبهم راحة البال ورسم للمرأة الطريق السليم وأشعرها بأنها جزء من أسرة كبيرة ومكنها من نيل حقوقها، وشق طريقها في الحياة بكرامة وأمان· وما يسعد حقاً في هذا الموضوع هو أن غالبية هؤلاء النساء المهتديات لم تتوقف رحلتهن عند الدخول في الإسلام فقط بل إنها امتدت إلى تكريس حياتهن بأكملها لخدمة رسالة الإسلام والدفاع عنه أمام خصومه، ومن هؤلاء النساء الكاتبة الأميركية اليهودية التي أسلمت في عام 1961 إثر سماعها لآيات القرآن الكريم ، وتعمقها في معاني القرآن الكريم والتي تزوجت من باكستاني وأصبحت تسمى ''مريم جميلة'' حيث تقول إن الذي أقنعها نهائياً بصدق الإسلام وصحته هو إجابته الشاملة والواضحة على مشاكل كانت تؤرقها طيلة مراهقتها وشبابها، وأول هذه المعضلات تتصل بالموت والخوف منه، حيث كانت لا تجد إجابة عند والديها عن المصير بعد الموت ولم تسعفها التوراة والتلمود برأي، فالجزاء فيها دنيوي محض، أما الإنجليل فكانت صورة الآخرة فيه مبهمة غير مفصلة· ولم يكن هناك غير القرآن الوحيد الذي أجاب على هذا السؤال وأراح عقلها الحائر· وأهمية الحديث عن هذه الكاتبة ترجع إلى ثلاثة أمور:
الأول: كتابها ''الإسلام في مواجهة أهل الكتاب·· الماضي والحاضر''، الذي يعتبر وثيقة فريدة في تاريخ كتابات الغربيين المعتنقين للإسلام·
الثاني: الرسالة المهمة التي وجهتها الكاتبة من خلال هذا الكتاب لمن يريد مكافحة خطر الصهيونية والنشاط التبشيري في البلدان المسلمة·
الثالث: الدراسة التحليلية المهمة التي قارنت فيها الكاتبة بين الديانة اليهودية والمسيحية والإسلام والتي انتهت بنتيجة تقول: إن الأمة الإسلامية هي الوحيدة التي تحمل بكل صدق وأمانة كلمة الله، وإن القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الوحيد الذي يمثل كلمة الله دون تحريف· وهي نفس النتيجة التي توصل إليها اينوك باول صاحب كتاب ''تطور الإنجيل''، بعد دراسته الطويلة للديانات السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام، أن القرآن الكريم بمفرده بآياته هو الوحيد الذي يقف صافياً منزهاً كاملاً كما أوحت به الذات الإلهية، دون أي تغيير أو تحريف· هذه الحقيقة المهمة هي التي جعلت الإسلام لا يطرح نفسه بديلاً ''خياراً'' للمجتمعات الغربية بعد الصناعية، كما يقول المفكر الألماني المسلم د· مراد هوفمان، بل إنه بالفعل هو البديل الوحيد، هي التي في تصوري تفسر الصدام الحضاري بين الغرب والإسلام والخوف الذي يشعر به الغرب من الإسلام والذي تحول إلى غزو عسكري وحملات تضليل وهجوم مسعور ضد الإسلام والمسلمين، جند له مئات من المعاهد ومراكز الأبحاث المتخصصة ووسائل الإعلام وأصحاب الفكر لوضع الخطط التي تهدف إلى تحطيمه، والتي وصلت إلى درجة تجنيد بعض العملاء والمثقفين المنتمين لثقافة الغرب والأقلام العلمانية وأصحاب الفكر الملوث والمحسوب منها على الأمة الإسلامية بالبطاقة، لتهاجم الإسلام من الداخل بأفكارها المنحرفة والمسمومة· وهذا أمر يبدو واضحاً في صورة الأقلام المسمومة التي ينهش ويطعن أصحابها في كل مناسبة الإسلام وتاريخه وعلماءه والأمة العربية في بعض الصحف العربية· هذا المخطط التآمري هو الذي حذرت منه مريم جميلة في كتابها الذي صدر عام 1968 والذي قالت فيه إن اليهود هم من أدخل غالبية الحركات المنحرفة في الإسلام بتظاهرهم اعتناق الإسلام· وإن اليهود والصهيونية والصليبية سوف يتعاونون معاً ضد الإسلام بعد أن أدركوا بقوة أن الإسلام هو دين الحق وهذا ما يحدث الآن، وأنهم سوف يعملون على تنفير المرأة من الإسلام لأهمية وخطورة دورها في المجتمع المسلم، وذلك بتعويدها على العادات الغربية لهزّ الإيمان في نفسها وزعزعته أو وأده في أطفال المستقبل، وسيكون ذلك تحت ''خدعة'' تحرير المرأة· فهل ننتبه إلى خطورة هذه المؤامرة؟