تعقيباً على د· أحمد يوسف أحمد.. مبادرة ولدت ميتة
في مقاله المعنون ''مهمة الجامعة في العراق: ثلاث معضلات أساسية''، والمنشور على هذه الصفحات يوم أمس الاثنين، أفاد الدكتور أحمد يوسف أحمد وأجاد، حينما ألقى الضوء على المبادرة العربية الخاصة بالعراق، مشيرا إلى ثلاث معضلات ترهن مستقبل المبادرة لمصير مجهول؛ أولها معضلة المرجعية التي جعل غيابها من السياسة العربية على وجه العموم سياسة متكيفة مع الاحتلال ومسلمة بثمرة العملية السياسية الناشئة في ظله، وهكذا انصبت المبادرة الأخيرة على المصالحة الوطنية وليس على إنهاء الاحتلال! أما المعضلة الثالثة فتتمثل في التوقعات التي تعلقها الحكومة العراقية والقوى المساندة لها على مهمة الجامعة، إذ لا ينبغي لهذه المهمة أن تتناول موضوع الاحتلال، لأنه موضوع يخص العراق، ولا موضوع المصالحة الوطنية أيضا، إذ ستبدو في هذه الحالة وسيطا مع القتلة والإرهابيين!
وأخيرا تتعلق المعضلة الثالثة بتوقيت طرح المبادرة؛ فإذا جاءت قبل الاستفتاء فسيكون هدفها الضغط من أجل مشاركة السنة والتصويت بنعم لصالح الدستور، أما بعد الاستفتاء فسيمكن القول إن الشعب العراقي حسم خياره ديمقراطيا!
وهكذا أخيراً وجدت الجامعة التي انحازت عمليا إلى ترتيبات ما بعد الغزو، من يتهمها بالتدخل لصالح ''المقاومة''، وذلك لمجرد كونها أثارت فكرة ''المصالحة الوطنية'' ضمن مبادرتها!
بل ثارت ثائرة القوى الحزبية الممسكة بمقاليد السلطة ضد المبادرة، لأنها- بصراحة- لا تريد سقفا عربيا، مهما كانت خلفياته السياسية، أن يحكم مجريات الحدث العراقي!
وإذا كان الكاتب قد أومأ بإشارات لطيفة إلى الحساسية المفرطة لدى القوى المذكورة من كل ما هو عربي، فإنه لابد من التذكير بأن العرب كانوا على الدوام ضحايا لسياساتهم ومواقفهم! فالقوى الكردية الممسكة الآن بملفات السياسة الخارجية العراقية (وزير الخارجية ورئيس الجمهورية)، لم تكن لتصل إلى ما وصلت إليه لولا الاحتضان السوري! وبالقدر نفسه حظيت الأحزاب والتنظيمات الأخرى مثل ''حزب الدعوة'' و''المجلس الأعلى للثورة الإسلامية'' بدعم عربي خليجي معروف عقب حرب العراق الثانية عام 1991! لكن ذلك لم يحل دون الضغوط الحالية على سوريا، ولم يكن ليغير مسار التطابق مع الأجندة الإقليمية الإيرانية!
هكذا إذن ولدت المبادرة العربية من رحم ظرف ذاتي وموضوعي غير ملائم، ومن ثم لن يكون مصيرها أفضل حالا من مبادرات عربية أخرى كثيرة سابقة!
حسين ماهر- الدوحة