رداً على د· أحمد البغدادي.. لا تعارض بين بناء المدارس والمساجد
قرأت المقال العجيب الذي كتبه أمس الثلاثاء الدكتور أحمد البغدادي وعنوانه ''المكتبة والمدرسة أولاً''، وفيه استكثر على بعض المحسنين وميسوري الحال أن يتبرعوا ببناء مساجد وقال إن الأوْلى هو بناء المدارس والمكتبات العامة لأن الناس أحوج إليها بدل الصرف دون حساب على بناء المساجد الفخمة· وما أريد أنا قوله هو أنه لا تعارض أساساً بين بناء المساجد والمدارس والمكتبات العامة· فالكل يلبي حاجة أساسية للناس، فالمدارس تبني الأجيال، والمكتبات تنشر الثقافة، والمساجد تزكي النفوس وتبنيها· ومشكلة الكاتب الكريم، حسب اعتقادي الشخصي، هي أنه لا يرى هذه المهمة الجليلة التي تقوم بها المساجد في بناء المجتمع· هو لا يرى مثلاً الدور التعليمي والتوجيهي للمسجد· ولا يرى القيمة الجمالية والذوقية التي يعبر عنها الجانب الجمالي العمراني للمسجد· ولا يرى المردود النفسي والاجتماعي الذي يلبي غريزة التدين لدى الناس· والغريب أنه يتباكى في مقاله، ضمن ما يتباكى، على دُور الفن، وطالب بالصرف عليها مع المكتبات العامة، والمدارس· وأستطيع أنا أن أتخيل لو أن المساجد تبنى بأقل قدر ممكن من المال، وكان بناؤها بسيطاً كالمصليات، وقتها كان هذا الكاتب الكريم نفسه سينظر ويتفلسف عن إهمال الجانب الجمالي الراقي الفني في بناء المساجد· والآن وقد بنيت بعض المساجد وصرف على بنائها الكثير ها هو يصطنع تنافساً وهمياً بينها وبين المدارس والمكتبات العامة··· ودور الفن! المشكلة في نظري هي مشكلة تصور شخصي ورؤية شخصية نسبية تسعى إلى أن تجعل من نفسها مركزاً للعالم، ومقياساً لكل شيء، وهو عين ما عرف به السفسطائيون في اليونان القديمة، حين كانوا يقولون ''إن الإنسان هو مقياس الأشياء جميعاً''·
عادل محمود - دبي