في الحقيقة هناك تيارات ثلاثة تتنازع العقول المسلمة، وباتت واضحة للعيان على الساحة الدولية، أولها التيار الإسلامي الذي يميل إلى التشدد والتصلب والعنف وأخذ الأمور بقوة السيف كما يزعمون، أي أنه يميل إلى القتل والعنف والتدمير وتكفير الناس ونعتهم بالفجور والفسوق، وقد أخذ ينازع ويصارع على الساحة الدولية ومن ثم أصبح أخطر التيارات الإسلامية على الإطلاق بسبب أسلوبه ومنهجه وما ينضوي تحته من مجموعات إرهابية· أما التيار الثاني فهو التيار المسالم الذي لا تعنيه الأمور السياسية مطلقاً، وهو منصرف كليا إلى الأمور الدينية المتعلقة بشؤون حياة الفرد المسلم من الناحية الاجتماعية، وكل ما يتصل بها من مشاغل وقضايا دنيوية، بمعنى أنه أبعد نفسه عن صراعات السياسة وأحابيلها· وهكذا ضاع المنهج الوسطي الحق بين هذين التيارين، فباتت العقول ذات التفكير والمنطق التدميري والإرهابي هي التي تسيطر على الساحة والشغل الشاغل للجميع في وقتنا الحاضر، ونتيجة لهذا التصرف ومنطقه السقيم في التعامل مع الأحداث، فقد شاهدنا المزيد من حملات التشهير والتشويه والترهيب التي يقودها بعض المتطرفين الغربيين ضد الإسلام والمسلمين، متخذين من الأعمال الإرهابية التي يرتكبها أنصار التيار المتشدد ذريعة لبث عداوتهم وحقدهم ضد الإسلام، بينما وقف التيار الثاني وهو المسالم، موقف المتفرج مما يجري حوله دون أن يقول كلمته في هذا المجال مع اختفاء وغياب تيار المنهج الوسطي الذي يفترض به أن يأخذ أمور الواقع وأحداثه مأخذا جادا وصحيحا، بحيث لا يكون يابساً فيكسر أو ليناً فيعصر!
ونتيجة لهذا التضارب في مواقف العقول الإسلامية وتشتت أفكارها وضياع منهجها الذي تسير عليه، وكذلك نتيجة لغياب علماء الدين المسلمين عن دورهم في القول الصريح والمتبصر، فقد وصل الحال بأمتنا إلى ما هي عليه من أوضاع متداخلة ومتشابكة يصعب دواؤها وتكثر أدواؤها.
حمدان محمد- كلباء