يقول العارفون والمتابعون للشأن الثقافي إن حصول الكاتب المسرحي البريطاني هارولد بينتر يوم الخميس الماضي على جائزة نوبل للآداب لعام ،2005 كان خلافاً للتوقعات والتكهنات بمن تؤول إليه الجائزة الأهم في عالم الأدب حول العالم·
وكانت التكهنات تدور حول شخصيات كثيرة، وبرغم أن أوساطاً عربية كانت تتحدث عن الشاعر السوري أدونيس (أحمد سعيد)، إلا أن المراقبين كانوا يقللون من فرص فوز أدونيس أمام بينتر الذي قالت عنه الأكاديمية السويدية التي تمنح الجائزة لدى إعلانها فوزه بأنه أبرز ممثل للمسرح الدرامي الإنجليزي في النصف الثاني من القرن العشرين، لأنه ''يكشف الهوة الكامنة خلف ثرثرة الحياة اليومية ويرفض دخول غرف القمع المغلقة''، بالإضافة إلى ''موقعه ككاتب ينتمي إلى الكلاسيكية الحديثة يظهر عبر استخدامه صفة استوحاها من اسمه، وأطلقها على الجو الخاص السائد في أعماله المسرحية''·
رئيس الأكاديمية السويدية هوراسيه إنجدال، برر اختيار بينتر للجائزة بأنه تم بالإضافة إلى أعماله الأدبية، بناء على التزامه السياسي في أدبه ومسرحياته واهتماماته السياسية في الفترة الأخيرة· يذكر أن بينتر ذي التوجه اليساري يعد من أشد المعارضين للسياسة الأميركية والبريطانية وبالذات في أفغانستان والعراق· كما أنه هاجم بشدة سياسة الرئيس جورج دبليو بوش وتوني بلير خاصة تجاه الحرب على العراق·
لكن أدونيس الذي يعيش في المهجر لم يتحدث عن أي نظام قمعي عربي يوماً، ولم تنقل عنه أي إشارات إلى كون بلاده التي ينتمي إليها أصلاً بحاجة ولو إلى شيء قليل من الانفتاح السياسي·
البريطاني الحائز على الجائزة يبلغ من العمر 75 عاماً، وهو يعود إلى أصول يهودية، لكن أصوله لم تمنعه بتاتاً من مواقف سياسية قد تبدو متباينة مع أصوله الدينية، حيث إن إسرائيل تعتقد أن سياسة أميركا في العراق وأفغانستان هي امتداد للحلف الاستراتيجي الأميركي- الإسرائيلي·
ولا يمكن القول إن هارولد بينتر إنما وقف مواقفه السياسية الشديدة العداء لسياسات واشنطن ولندن في مغازلة منه لعشرة ملايين كورون سويدي (1,1 مليون يورو) هي قيمة الجائزة التي بدأ منحها للمرة الإولى في عام 1901 بناء على وصية العالم السويدي الفرد نوبل، فقد نشرت الصحف البريطانية يوم الجمعة عناوين بارزة على صدر صفحاتها الأولى لبينتر وهو يقول: جاءني اتصال من جائزة نوبل، فقلت لهم: أي خدمة·
كان بينتر يقول لهيئة الجائزة التي اتصلت به لإبلاغه بفوزه بنوبل للآداب، يبدو أنكم مخطئون في الرقم، أو أنكم تبتغون رقماً آخر· وحتى عندما تأكد تماماً أنه هو ذاته المقصود وليس أحداً غيره، قال إن الجائزة لا داعي لها، وإنه لم يتوقع فوزه بها!
النموذج الآخر الذي طرأ في ذهني عندما تعرفت على ردة فعل الأديب البريطاني، هو نموذج أحد الفائزين بجائزة الملك فيصل العالمية قبل نحو عقد من الزمان، عندما صرح للصحف بعد إعلان فوزه بأن الجائزة جاءت متأخرة إليه نحواً من عشرة أعوام· خوش تواضع!
بقي أن تعرف أن صاحبنا الذي اعتقد أن جائزته جاءت متأخرة عشرة أعوام، لكنه قبلها مشكوراً، فاز بجائزة الملك فيصل للدراسات الإسلامية·