تعقيباً على ستيف هادلي.. لا استقرار دون جلاء الاحتلال
استفاض مستشار الرئيس بوش للأمن القومي ستيف هادلي في الحديث عن الديمقراطية في العراق والتي ستزهر ثمارها في بلاد الرافدين بعد التصويت على الدستور واعتماده كميثاق وطني يؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ البلاد· وقد تعامل الكاتب في مقاله المنشور على هذه الصفحات يوم أمس الإثنين مع الديمقراطية كحتمية لابد أن تهب رياحها على العراق حتى ولو كانت مؤشرات الواقع تدل على تعقد الوضع الأمني، وانزلاق بات وشيكا نحو حرب طائفية· ففي رأي الكاتب لن تقف الصعوبات السياسية، مثل رفض الدستور واللجوء إلى انتخاب جمعية وطنية جديدة تعيد كتابة الدستور مرة أخرى، في وجه تقدم العملية السياسية ونزع فتيل العنف المستفحل في العراق· فحتى لو حدث إجماع بين الطوائف العراقية حول مسودة الدستور، لا أعتقد أن العراقيين متفقون على استمرار وجود الاحتلال في أراضيهم، وهذا كافٍ في حد ذاته لكي يذكي نار العنف وعدم الاستقرار· إن أي استقرار سياسي أو ديمقراطية تحت البنادق الأجنبية لا يمكن أن تسمى حرية أو استقلالا· ولنا في حركات التحرر العالمية التي سبقت في هذا المضمار خير مثال حيث الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية الكاملة تسبق العملية السياسية· فالديمقراطية مطلب إصلاحي يرفعه الشعب إلى الحكام ويناضل من أجله الوطنيون الشرفاء ويضحون من أجله بالغالي والنفيس في إطار وطني داخلي· أما الاستقلال فهو مطلب وجودي يتعدى كل الاعتبارات الأخرى لأنه مرتبط بكرامة البلد· وما لم يفهم الأميركيون هذه الحقيقة، وهذا الميل الشعبي الراسخ الى الانعتاق من نير الاحتلال والتحليق في سماء الحرية لن يستقر العراق بالمصادقة على دستور جديد، رغم أهميته في تهدئة التوتر بين الطوائف المختلفة واستعادة الثقة مجددا بينها· لذلك فإن تقدم العملية السياسية سيكون منقوصاً ما لم يتم وضع جدول زمني محدد لانسحاب القوات الأميركية من العراق، واستبدالها، إن اقتضى الأمر، بقوات أممية متعددة الجنسيات تسهم فيها قوات العربية لمراقبة الوضع الداخلي والتأكد من استتباب الأمر للعراقيين·
الباجي معتوق - تونس