تعقيباً على باتريك سيل.. زلازل العراق أشد دماراً
شدت انتباهي تلك المقارنة الذكية التي أجراها الكاتب باتريك سيل في مقاله الأخير الصادر يوم أمس في وجهات نظر وعنوانه ''الجغرافيا السياسية للكوارث'' ما بين تحول موازين القوى والأمن في شبه الجزيرة الهندية لصالح نيودلهي على حساب إسلام أباد، نتيجة لكارثة الزلازل التي شهدها إقليم كشمير الباكستاني المتنازع عليه بين الدولتين، وذلك التحول في موازين القوى والأمن الذي شهدته منطقة الشرق الأوسط لصالح إيران على حساب العراق مؤخراً، إثر تعرضه للغزو الأميركي- البريطاني قبل نحو ثلاث سنوات· وعلى الرغم من قول الكاتب إن النتائج السياسية المترتبة عن هاتين الكارثتين تظل متقاربة وتحتاج لجهد بالغ من أجل معالجة تداعياتهما -مع أن إحداهما من فعل الطبيعة والأخرى من فعل الإنسان- إلا أن الكارثة التي خلفها الغزو الأخير على العراق، تظل أفدح وأشد دماراً من زلازل كشمير، بالنظر إلى ما يتطلبه علاجها من رأسمال سياسي وجهد دولي وإقليمي كبير، لم تلح بشائره بعد في الأفق· صحيح أن دماراً هائلاً قد لحق بباكستان منذ أن ضربتها الهزات والزلازل، وأن إعادة إعمار القرى والمدن والبنى التحتية التي سواها الزلزال بالأرض، ستكلفها أموالاً طائلة، إلى جانب ما تستغرقه من سنوات ليست بالقصيرة، كما هو متوقع· لكن وبالعون الدولي والمساعدات الإنسانية المتوقعة، تستطيع باكستان تجاوز هذه الأزمة، بحيث لا تبقى لها سوى أزمة نزاعها طويل الأمد مع الهند حول إقليم كشمير· أما العراق، فقد سواه الاحتلال الأجنبي مع الأرض كله، دولة ومؤسسات، حكومة واقتصاداً ووحدة وطنية، وغيرها من مقومات الدولة المستقلة الحديثة· ولهذا السبب فإن من رأيي أن تكلفة إعادة إعمار العراق ستفوق من حيث الحجم كثيراً ما تكلفه إعادة إعمار باكستان· ومن منطلقات المقارنة ذاتها، فإن خسارة العراق أكبر، دون شك·
مهاجر محمد نور- السودان