سواء أتم إقرار مشروع الدستور الذي يجري الاستفتاء عليه الآن في العراق أم لا، فذلك في كل الأحوال ليس نهاية الأزمة الدائرة هناك! فإذا تمت الموافقة على مشروع الدستور بالأغلبية المطلوبة، فإن ذلك سيعني مصلحة للتحالف القائم بين النخبتين السياسيتين الشيعية والكردية اللتين طرحتا مسودة الدستور وفق سقف مرتفع، ومن ثم كانت التنازلات التي قدمتاها لاحقا جزءا من سيناريو هدفه الحصول على مكاسب سياسية مقابل تعديل جزئي في مواد تضفي صبغة شيعية وكردية على العراق الذي ظل طيلة تاريخه بلدا عربيا إسلاميا سنيا! وهو السيناريو الذي لم يفت انتباه الطائفة السنية وإن كانت منقسمة في موقفها من ذلك الدستور، إلا أن القوى السنية التي عارضته سيظل بامكانها أن تشوش كثيرا على أحلام ما بعد الاستفتاء والطموحات التي تراود نخبة السلطة الحالية، ومن ثم يحتمل أن يكون العراق متجها نحو مرحلة أخرى أكثر اضطرابا وأقل استقرارا!
أما إذا صوت من شاركوا في الاستفتاء برفض الدستور، فتلك هي الطامة الكبرى، إذ سيمثل هذا الاحتمال ضربة قاسية للتحالف الكردي الشيعي، وسيطيح بطموحات العناصر الأساسية في الحكومة الحالية، وسيحرم القوات الأميركية من فرصة لخروج ''مشرف'' من العراق، وبالمقابل سيرفع من معنويات عناصر التمرد ويمدهم بتأييد شعبي غير متوقع!
وهكذا ففي كل الحالات لم يعد يوم الاستفتاء على الدستور العراقي يوما سارا لأحد، لا من جبهة الرافضين له ولا من معسكر المؤيدين والداعين له، حتى بات موقف العراقيين من الدستور، تأييدا ورفضا، كالقابض على النار!
محمد عباني- السويد