لفت انتباهي التصريح الذي أدلى به مسؤول رسمي عربي وقال فيه إن اللواء غازي كنعان قد راح ضحية للإعلام· والحقيقة أنني أحسست بنوع من الشعور الخفي عندما قرأت هذا التصريح وهو شعور مبعثه أن الإعلام - حتى بالتمني- قد غدا يؤثر على سلوك المسؤولين ويدفع بعضهم إلى الانتحار· هل معنى ذلك أن الإعلام أصبح يلعب دور السلطة الرابعة حقا كما كنا نقرأ دائما·· وهل أصبح له دور مكمل أو مساعد لأجهزة الأمن والتحريات والمباحث الجنائية والنيابة أم أن هذه الأجهزة التي كان أداؤها في العديد من البلدان العربية يتسم عادة بالارتباك وعدم الكفاءة قد تخلت عن دورها أو عن جزء منه للإعلام طواعية بعدما أيقنت بعدم قدرتها على الاضطلاع بالمهام الموكولة إليها·
أما فيما يتعلق باللواء غازي كنعان فلا يستطيع أحد أن يقطع بما حدث: هل الرجل انتحر فعلا لأسباب شخصية؟ لا أحد يستطيع فكل شيء يظل في إطار التكهنات·· ولعل الأمر بحاجة إلى مزيد من الوقت لكي تنكشف تفاصيل هذه الحادثة· غير أن المهم فيما يتعلق بالتعاطي الإعلامي بصفة عامة في منطقتنا العربية هو أن يؤدي الصحفيون دورهم في كشف الحقائق، ووفق مواثيق أمانة الشرف الإعلامي، وبعد ذلك تكون الاتهامات الموجهة لوسائل الإعلام قد فقدت الكثير من دواعي إطلاقها، ويتم توطين نوع من الإيمان بدور العمل الإعلامي في الثقافة العامة للمنطقة·
عماد غسان – لندن