وأنا أكتب هذه السطور، بدأت في العراق عملية الاستفتاء على أول دستور ديمقراطي في تاريخ هذا البلد الشرق أوسطي العريق، وقد يحتاج إعلان النتيجة الى عدة أيام وذلك لأسباب تقنية وتنظيمية، ولعل المغزى الأساسي في هذا الحدث هو أن العراق يحقق انتقاله الأساسي من مرحلة الى أخرى في قطيعة تاريخية بالغة الأهمية· وفي المقام الأول سيعني الدستور الجديد إعادة تعريف الهوية الثقافية والقومية للعراق، بعد أن فرض النظام السابق لبسا على هذا الجانب رغم أهميته، حيث كرس العنصر العروبي في هوية العراق على حساب المكونات الأخرى في الشخصية الوطنية العراقية، بل على مستوى المكون العربي ذاته راح يمارس إقصاء للشق الشيعي في هذه الهوية مفسحا المجال لهيمنة طائفية مقيتة حكمت العراق ومقدراته وتاريخه طوال ثلاثة عقود!
وإذا كان العراق بلدا غنيا في هويته المتنوعة، فهو أيضا عريق في تاريخه الحضاري والسياسي، ومن ثم فالدستور الجديد سيكرس الريادة السياسية للعراق في المجال الديمقراطي، إذ حري ببلد له تاريخ العراق أن يكون قدوة في مجال الانتقال الديمقراطي وفي إرساء المشاركة السياسية، وهذا ما وعاه العراقيون وهم يكتبون دستورهم الجديد، فجاء التأكيد الحاسم في نصوصه على أن العراق بلد فيدرالي ذو نظام ديمقراطي·
ومن هنا فلا أفشي سرا إذا ما قلت إن يوم أمس السبت، هو يوم تاريخي في حياة العراقيين ومستقبلهم!
عدنان فهيم- العراق