يثير الاخفاق العربي في إنجاز المشروع الديمقراطي كثيرا من الاشكاليات الفكرية والاجتماعية، لم يتيسر لكثير من الباحثين والمفكرين أن يجيبوا عليها بوضوح كاف حتى الآن!
وإذا كان جزء من الصعوبة التي تكتنف تلك المهمة التحليلية يعود إلى غياب الدقة في صياغة التساؤلات المطروحة، فإنه يمكن أن نذكر من معوقات التطبيق الديمقراطي على صعيد الواقع ما يلي:
أولا: إن بُنى وهياكل المجتمع العربي غير مهيأة حتى الآن لتقبل المؤسسات الديمقراطية وثقافتها التي تقوم على مبدأ المساواة والمساءلة والمحاسبة والنقد الواسع واحترام الآخر وقبول التنوع!
ثانيا: إن السياق التاريخي لنشوء المؤسسات الديمقراطية لا يتناسب مع السياق التاريخي لمجتمعاتنا العربية التي لم تعرف ذلك العراك العنيف بين الكنيسة والإقطاع، وبين المؤسسة الدينية والفكر الحر، كما إن الطبقة الوسطى في العالم العربي ولدت ميتة ولم تكن مؤهلة في يوم من الأيام للاضطلاع بدور تاريخي كالذي قامت به نظيرتها في الغرب!
أما العامل الثالث فيتعلق بالدولة الريعية التي أغدقت في المنافع والخدمات والعطايا على رعاياها، ومن ثم لم يكن هناك أي نوع من التناقض بين الشعب والدولة أو بين المجتمع وبين طبقته السياسية·
وأخيرا يتمثل العامل الرابع في الدور الخارجي وما لعبه من تعميم للشعور بعدم الحاجة الى استيراد الديمقراطية الى بلداننا العربية، بل كان ذلك الدور واضحا في حماية بعض الحكومات العربية من تصاعد الضغوط الداخلية في اتجاه المطالبة بمشاركة سياسية حقيقية!
وقد منيت بفشل ذريع كل التجارب الانتخابية في البلدان العربية، وتحولت الى نسخ مشابهة لما كان يجري في عراق صدام حسين من انتخابات ميزتها الأساسية هي نسبة التسعة والتسعين في المئة لصالح الرئيس وحزبه! ولتلك الظاهرة أيضا عواملها المماثلة!
بهية أحمد- دبي