رداً على د· وحيد عبد المجيد
مثل بالنسبة لي مقال الدكتور وحيد عبد المجيد ''مبادرة في غير وقتها''، والمنشور على هذه الصفحات يوم الخميس الماضي، تحولا واضحا في موقفه من الحالة أو التركيبة التي أوجدها الاحتلال الأميركي في العراق، وذلك بعد ما كان أحد الكتاب والمثقفين العرب الذين راهنوا على إسقاط النظام العراقي السابق وبشروا بالرسالة الأميركية في المنطقة، ونظروا بكثير من الإعجاب إلى التنظيمات الكردية والشيعية التي أيدت الاحتلال وتحالفت مع الأميركيين! إلا أننا في مقاله الأخير نجد الدكتور وحيد وهو ينعت الحكومة العراقية الحالية بالفشل قائلا إن ''انحيازها المذهبي بلغ ذروته ضد السنة''! وإنها قد تدفع العراق نحو مصير مظلم، بل نجده يراهن على مزيد من التفكك في حالة التحالف الكردي الشيعي: ''يوفر تفكك الائتلاف الموحد الشيعي فرصة تاريخية، وربما تكون الأخيرة، لإنقاذ العراق من مصير مظلم قد لا ينجو منه، ما لم يحدث تغيير في أسس العملية السياسية الراهنة''!
وإن كانت تتملكني الدهشة من ذلك التغير في مواقف الدكتور وحيد، فإنني لا أوافقه على رأيه فيما يتعلق بمبادرة الجامعة العربية لتحقيق المصالحة في العراق، والتي أرى أنها قابلة للنجاح، إذا ما توفرت الإرادة العربية لتحقيق ذلك الهدف! ولعلنا نتذكر موقف الحكومة الحالية من زيارة أمين عام جامعة الدول العربية، حين شرطت لموافقتها على الزيارة أن تشطب الجامعة من مبادرتها عبارة ''المصالحة الوطنية''! وكأن العراق الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من نار الحرب الأهلية ليس بحاجة إلى مصالحة وطنية شاملة! وكأن الذين يناوئون تركيبة السلطة الحالية القائمة على تحالفات مواقف كردية إيرانية أميركية هم الأجانب والغرباء على العراق، وغيرهم أهله وبنوه!
إن هذا الخلط العلني هو ما يحتاج إلى موقف عربي حازم، حتى تقبل الأحزاب الموالية لإيران بعودة الوئام والمصالحة بين فئات الشعب العراقي· ولعله الخلط الذي يذكرنا بمعيارية أخرى مارستها كثرة من المعلقين العرب حينما تحدثوا، في الأيام الأولى من بدء الغزو الأميركي للعراق، عن محاولات العراقيين لصد الهجوم القادم وكأن الأميركيين هم أهل العراق وأصحابه الشرعيون! وفي ذلك ما يغني عن تشخيص الحالة المرضية الثقافية العربية وفقدان المعايير والمقاييس والقيم والرؤى في حالتنا المخيفة والمقلقة هذه!
عزيز خميس- تونس