رداً على توماس فريدمان: أين إدانة التدخل الأجنبي في العراق؟
في مقاله ''العراق بين مواكب الموت وصمت القبور'' استنكر الكاتب توماس فريدمان، ما رأى فيه صمتاً مطبقاً من قبل قادة وزعماء العالم الإسلامي، الساسة منه والزعماء الدينيون، إزاء المجازر والتصفيات الجسدية التي تطال أفراد وجماعات الشيعة العراقيين· لكن وبقدر ما أنحى الكاتب باللائمة على الجماعات المتمردة هناك، وعلى صمت المسلمين السنة، نسي طرفاً مهماً جداً في كل الذي يدور في العراق، ويشعل فتيل الفتنة العرقية الدينية فيه! ذلك هو الغزو الأجنبي الأميركي للعراق، لكونه أصبح الآن مصدراً للنزاع والقتال وللفتنة الدينية والعرقية والسياسية بحد ذاته· ونسي الكاتب أن يقول إن أكبر مهدد لأمن العراق ووحدته هو وجود القوات الأجنبية على أراضيه· أما وصفه للحضارة التي تتآلف مع العنف والتطرف والإرهاب، وأنها لابد أن تكون آخذة من الطباع والصفات نفسها، طالما أنها ترتضيها، ففيه تجريد وتعميم نظري، متجاوز للواقع العيني عند النظر إلى الحالة العراقية· بالطبع يصعب بل لا يجوز الدفاع أصلاً عن ثقافة العنف والإرهاب والتطرف، ويجب شجبها ووقفها عند حدها كما قال الكاتب· لكن من قال إن النتائج تؤخذ بدون أسبابها وعللها، ومن قال إن النتائج وحدها هي التي تحاكم وتدان؟ لا أبرر العنف والإرهاب، وأعلم أن الذي يمارسه المتمردون والإرهابيون في العراق، يفوق كثيراً ذريعة التدخل الأجنبي التي يبررون بها أفعالهم الذميمة الآثمة· ولكن لا تعطي إدانة كهذه، التدخل الأجنبي ''صك براءة'' مثلما فعل مقال الكاتب توماس فريدمان·
حسن البشري- مسقط