دعا رئيس ''التجمع الوطني الديمقراطي'' السوداني المعارض، هيئة قيادة التجمع إلى الاجتماع في العاصمة الاريترية أسمرا يوم الحادي والعشرين من أكتوبر الجاري· واختيار ذلك اليوم موعداً لاجتماع التجمع، وفي العاصمة الاريترية، هو في حد ذاته رسالة ذات مضمون ومعنى، نأمل أن يصحبا ''التجمعيين'' في اجتماعهم المرتقب وأن ينعكسا على المداولات والقرارات التي سيتخذونها· يوم الحادي والعشرين من أكتوبر هذا العام سيصادف الذكرى الحادية والأربعين لثورة أكتوبر السودانية التي شكل اندلاعها مرحلة جديدة في تاريخ السودان ما تزال آثارها باقية معنا حتى الآن، وما تزال بعض أهدافها وشعاراتها تتردد في حياتنا السياسية وتراود أحلام العديدين منا·· فثورة أكتوبر 1964 كانت ثورة شعبية من أجل استعادة الديمقراطية التي أجهز عليها ''عسكر نوفمبر'' بتواطؤ مع رئيس وزراء الحكومة الديمقراطية التي كانت قائمة آنذاك، وكانت ثورة من أجل إقامة العدل ومحاربة الفساد الذي استشرى في العهد العسكري·· وكانت ثورة من أجل الوحدة الوطنية التي استباح حماها انقلاب نوفمبر العسكري·· كل تلك الأهداف ''الأكتوبرية'' ما تزال مطلوبة وواجب تحقيقها والسعي من أجلها والالتزام بها هو ما وحد وجمع بين القوى السياسية الحزبية والنقابية والمهنية والديمقراطية التي شكلت هذا التجمع الوطني الديمقراطي، في مواجهة انقلاب ''الجبهة القومية الإسلامية'' في يونيو عام ·1989 لذلك نأمل أن الذين سيجتمعون في أسمرا يوم الحادي والعشرين من هذا الشهر سيحملون معهم في اجتماعهم هذا ويستصحبون روح أكتوبر التي ما تزال شعلتها تضيء وترشد إلى طريق الديمقراطية والعدل والحرية والكرامة الإنسانية، تلك الأهداف والأحلام التي من أجلها سقط عشرات بل مئات الشهداء على مرِّ الأيام وأصبح واجباً على الأحياء منا وفاءً لذكراهم، أن نحافظ على الأمانة التي خلفوها لنا·
ويأتي اجتماع هيئة قيادة ''التجمع الوطني الديمقراطي'' في أسمرا في أيام تحيط بها الأزمات السياسية والتنظيمية والشعور والإحساس بالإحباط لدى الجميع، حكومة ومعارضة·· فأنباء وأخبار الدراما السودانية المستمرة عادت لتحتل مكان الصدارة في واجهات الإعلام الدولي، من انقسامات في صفوف حركات المقاتلين في دارفور·· إلى تعرض العاملين في الإغاثة الدولية للاختطاف·
ويأمل المرء ويشاركه كثير من أهل السودان، أن يكون اجتماع أسمرا المقبل هذا، هو آخر اجتماعات ''التجمع الوطني الديمقراطي'' خارج أرض الوطن، وأن يكون الاجتماع هذا هو الاجتماع الذي سيضع ترتيبات عودة هيئة قيادة التجمع وكوادرها ونشاطها إلى السودان مزودين برؤية ثاقبة وخطة واضحة لما يجب أن يكون عليه برنامج عمل التجمع في داخل الوطن في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة من تاريخ السودان·· المرحلة الانتقالية بكل ما تعنيه وما تحمله من هموم وأحمال· لقد أدى التجمع الوطني الديمقراطي في الخارج مهمة جليلة وحمل رسالة عظيمة، وبرغم ما يمكن أن يقال عن سلبيات صحبت العمل في بعض مراحله، فإن التاريخ سيحفظ للتجمع وقيادته أنه بفضل نضاله وصبره بل وبفضل مبادرته منذ أشهر من انقلاب الجبهة بالإعلان عن تأسيسه وحمله رسالة السودان الديمقراطي للعالم، قد وضع الأساس السليم لمعالجة المسألة السودانية المزمنة·· ولأن التجمع قد أصر على أن تبقى قضية استعادة الديمقراطية حية على الدوام فإنه يستحق التقدير والاحترام، وستكون عودته إلى السودان انتصاراً لقضية الديمقراطية·