في الوقت الذي يزول الاستبداد من المجتمع العراقي ويبدأ الانتقال نحو الديمقراطية، ستحتاج البلاد إلى نخب سليمة النية وحسنة الثقافة، تحرص على تهدئة المخاوف المتوقعة وترفع الشوائب الطائفية العالقة في ثقافة الأفراد، لكي يتحولوا من مرحلة الشك في الآخر والحذر منه إلى مرحلة الثقة به والإقبال عليه والتعايش معه·
ويمكن أن نسمي هذه المرحلة ''زمنا ثقافيا انتقاليا''، إذ فيها سوف تكون هناك فوضى ثقافية يختلط فيها الماضي بالحاضر ما بين رؤى تاريخية خادعة ومشاكل آنية ملحة وآمال مستقبلية يطمح إليها المجتمع وأفراده، وستؤدي هذه الفوضى إلى إرباك تفكير الأفراد وتهييج عواطفهم·
في هذه اللحظة ستبرز أهمية النخب الاجتماعية والسياسية والثقافية في تهدئة الرأي العام وترتيب القضايا في نظام للأولويات الوطنية، وسيكون من الضروري أن تقدم النخبة الثقافية مجهوداً كبيراً في شرح فوائد الانفتاح والتعايش ومخاطر الانغلاق والتصارع، وطبيعة تحديات العصر وحقائقه، وذلك لأجل أن تمر المرحلة الانتقالية بسلام ومن أجل أن نبرز ونبلور فضاء ثقافياً واحداً يمثل جميع ألوان الطيف الثقافي والطائفي في العراق، في ظل الهوية الوطنية الموحدة، وسينظر عندها إلى الصراع الإثني أو الطائفي على أنه صفحة من الماضي يجب أن تذهب إلى متاحف التاريخ البالي، أما إذا لم تبرز مثل هكذا نخب في هذه الفترة الحالية الحرجة من حياة شعبنا· وكانت النخب مصلحية وتحريضية، تلعب على وتر العواطــــف الطائفية وحزازات التباين المذهبي والإثني، فستتحول مرحلة الحذر الطائفي إلى مرحلة احتراب داخلي يخسر فيه الكل وتهلك البلاد هلاكا محققا!
خالد العرداوي- البصرة
موسى في العراق!