رداً على د· رضوان السيد
لا أرغب في أن أبدو هنا متشائما إلى حد كبير، لكن ما ورد في مقال الدكتور رضوان السيد عن ''مصائر العراق والدور العربي'' (وجهات نظر الأحد 9 أكتوبر 2005)، يستدعي منا أن نكبح قليلا بعض التفاؤل الناجم عن نزعة تنظيرية مفرطة، لنفتح عيون العقل على الواقع وحدوده وشروطه الفعلية والممكنة!
فقد تحدث الكاتب في مقاله عما آل إليه الوضع في العراق نتيجة وجود الاحتلال الأميركي هناك، وعن الأخطاء الاستراتيجية التي انطوى عليها قرار الغزو، وكيف أن الجميع بما فيه بعض الحـــــكومات العربية وواشنطـــــن وبعض القوى العراقية باتــــــوا في مأزق لا يحسدون علــــيه! وهنا يقدم الكاتب المقترح أو الحل السحري كما يراه! فيدعو إلى تنظيم ''طائف عراقي'' على غرار مؤتمر الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية·
وإذا كانت تلك الدعوة صحيحة من ناحية المبدأ، فإن هناك فروقا كبرى بين الظرف الخاص الذي يعيشه العراق وبين ما كان عليه الحال اللبناني نهاية التسعينيات من القرن الماضي عندما التأم مؤتمر الطائف؛ فالعراق الآن، خلافاً للبنان حينئذ، لم يشهد حربا أهلية بعد، وإن كان يعرف خطوط احتكاك طائفي ساخن·
وفي لبنان حينما توصلت قواه وطوائفه إلى اتفاق لإنهاء احترابها، لم تكن على أرضه حينئذ قوة احتلال عسكرية عظمى، بل تم إخراج قوات المارينز الأميركية على أيدي قوى لبنانية، وكانت المقاومة على أشدها ضد الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب· وأهم من ذلك فإنه خلافاً للعراق حاليا، لم تكن في لبنان وقتئذ، رغم اتفاق لوزان الشهير، قوة رئيسية مارست هيمنتها على اللعبة الداخلية من خلال الاعتــــماد على قوة أجنبية·
وبينما كان معظم الفرقاء اللبنانيين قد أدركوا عبثية الحرب الأهلية، مما أنضج ظروف اتفاق الطائف، فإن ميليشيا وقوى حزبية وطائفية عراقية عديدة تتأهب الآن للقفز إلى حلبة الاقتتال الداخلي ومكاسبه المتوهمة، وليس للذهاب إلى طاولة المصالحة والوئام الوطني!
هشام محمود - الشارقة