رداً على باتريك سيل:
الاستنتاج الرئيسي والوحيد الذي يخرج به القارئ من مقال باتريك سيل الأخير ''أفق التسوية ··· والعزف الإسرائيلي المنفرد'' هو ألا سبيل ولا أمل قريباً لإدارة أي حوار إسرائيلي- فلسطيني، يرمي إلى مناقشة الوضع النهائي لفلسطين، ووضع حد للنزاع الدائر بين الطرفين على امتداد عدة عقود· صحيح أن الكاتب أفلح في توصيف وشرح كل الأسباب والتعقيدات المحيطة بعقد المفاوضات هذه، سواء على الصعيد الأميركي أم الإسرائيلي أم الفلسطيني· وإلى جانب المشاغل والهموم الداخلية التي تعيق أميركا وإسرائيل وفلسطين نفسها في الوقت الحالي، عن إجراء مفاوضات كهذه، أوضح الكاتب جانباً آخر مهماً، ذا صلة بالخلاف الجذري بين الرؤيتين الفلسطينية والإسرائيلية للحل، بما لا يدع أملاً للتوصل إلى أي تسوية سلمية للنزاع يوماً ما، طالما بقي شارون عازفاً وحيداً منفرداً للسياسات الإسرائيلية المتعصبة·
ولكن السؤال الذي أثيره في وجه الكاتب هو لماذا نسي دور الشارع الإسرائيلي نفسه، وقدرته على ممارسة المزيد من الضغوط على شارون، بما يدفعه أكثر فأكثر نحو الحل والتسوية السلمية؟ تأكيداً على قوة تأثير هذا الدور، نسأل الكاتب سؤالاً آخر، عما إذا كان شارون الذي نراه بمواقفه اليوم، هو شارون نفسه عراب المستوطنات واليميني الأكثر تطرفاً في حزب الليكود بالأمس القريب؟ ما الذي خفف من غلواء وحدَّة تطرفه وتبنيه للحل العسكري وحده اليوم، لولا تنامي الضغوط عليه من قبل الشارع الإسرائيلي، وازدياد تيار الإسرائيليين المؤيدين للحل السلمي؟ أليس هذا ما تقوله آخر إحصاءات واستطلاعات الرأي العام الإسرائيلي؟ وإذا كان أبومازن عازفاً منفرداً هو الآخر -كنظيره شارون- أليس ثمة شعب فلسطيني يلجم هذا الجموح الفردي، ويرغم القيادات المنفردة على احترام رغبة الشعب والجماهير؟ لمَ تغيّب الشعوب ودور الجماهير عن أفق التحليل السياسي؟
بشيرمحمد هارون-أم درمان- السودان