لم تعد الصحف وقنوات التلفزيون ووكالات الأنباء توافينا بأي صور تقريبا من الصومال، وكادت تختفي مشاهد المسلحين والدمار في شوارع مقديشو في النشرات الإعلامية، وذلك منذ ثلاثة أعوام أو أكثر· وإن كان ذلك الاختفاء دليل عافية وصحة، فربما يشير إلى أن وسائل الإعلام، ومعها الجمهور أيضا، ملت من المأساة العبثية التي ما لبثت فصولها تتوالى في الصومال ولا تشي بأي نهاية أو خلاص لأطرافها·
الصومال ذلك البلد الذي أكلت لحمه الحرب وقضمت عظامه، ولم يبق منه إلا أثر دارس وطلل رميم، كان ذات يوم عضوا في جامعة الدول العربية، وكان أهله جزءا من أمة الإسلام، لكنه اليوم في محنته المزمنة وكربته المؤلمة يبدو كغريب شط به النوى وتقطعت السبل؛ فلا جار يجير ولا ذو قرابة يرتجى!
لقد حدث ذلك··· لكن الصومال بلد يمتد على مساحة واسعة، ويزيد حجمه السكاني على 10 ملايين نسمة، ويحتل موقعا استريتجيا مهما في القرن الإفريقي، ويمتلك من الثروات الطبيعية فوق أرضه وفي باطنها الشيء الكثير··· ومن ثم كان الأولى بالأشقاء العرب أن يولوا بعض العناية لهذا البلد الشقيق، وأن لا يتركوه لأنياب الحرب والفقر والفاقة! فهو بلد يختزن إمكانات كبيرة، لذلك ظل محط أطماع وتطلعات لدول كثيرة مثل إسرائيل وإثيوبيا التي لها أجندتها المعلنة هناك·
وإذا لم يضطلع العرب بمسؤولياتهم التاريخية والقومية والدينية تجاه الصومال، فسيأتي يوم تعود فيه إليه الروح لينهض من وهدة حربه ويتعافى من جراحها، وحينها سيكبر جيل صومالي جديد وفي أعينه ألم الخذلان العربي، ربما لن يتردد في توجيه اللعنات إلى أمة قرأ في كتب التاريخ أنه جزء منها!
عبد الرحيم بابكر- الخرطوم