ردا على د· أسعد عبد الرحمن... ألم نسهم في مؤامرة الكلمات؟
إذا كان للكلمات نفوذها وسلطتها القاهرة، فإن قدرتها الفعلية تكون أكثر ما تكون في المجال السياسي وصراعاته على تملك السلطة وحق القوة· وتحضرني في هذا المجال تلك النصيحة البليغة التي أهداها الرئيس الفرنسي السابق الجنرال شارل ديغول إلى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، حينما قال له: ''إياكم أن تستهينوا بذلك الشق غير المرئي من معركتكم ضد إسرائيل؛ فلا تتركوا العالم يُسقط فلسطين من ذاكرته''· تذكرت ذلك وأنا أقرأ المقال الأخير للدكتور أسعد عبد الرحمن والذي عنونه كالآتي: ''الفلسطينيون في إسرائيل وصراع البحث عن هوية''! فيا له من عنوان! وكم هي الكلمات مواقف ورؤى وقرارات! ولشد ما أدهشني محتوى المقال حين قرأته ثم زادت دهشتي بعدما أعدت قراءته! فالمقال لا يتحدث إلا عن ''عرب إسرائيل''، و''عرب إسرائيل كأقلية قومية'' فقط!، و''العرب الفلسطينيون داخل إسرائيل'' أيضا، و''الفلسطينيون في إسرائيل''····! لذلك أثارت المقالة لدي سؤالا أحسبه في غاية السخف، لكنه ضروري رغم ذلك: كيف كان الكاتب سيجد اسما يطلقه على ''عرب إسرائيل'' قبل 57 عاما فقط من الآن؟ ولماذا لم يعتبر عرب الضفة الغربية من جملة ''العرب داخل إسرائيل'' طالما أنه ليس ثمة حدود ثابتة ورسمية لإسرائيل؟
وهل السبب وراء ما يسميه الكاتب ''صراع البحث عن هوية'' لدى من يسميهم ''عرب إسرائيل'' كونهم ''أقلية'' كما قال صراحة، أم لأن ''الدولة العبرية عمدت إلى إلغاء أي ذكر لفلسطين من الخريطة والتاريخ والأدب''- كما أشار ضمنا؟ لكن ألم نفعل نحن أيضا ذلك، أو أشد قسوة منه، بحق فلسطين ذاتها؟ رأيي شخصيا أن مقال الدكتور أسعد كان شهادة أخرى على دورنا (وإن كان بغير نية) في ''مؤامرات الكلمات'' التي تحذف فلسطين من اللغة والتاريخ، ربما دعما لعملية حذفها من الواقع والجغرافيا!
خالد دوهان- عمّان