لا تفزعوا ليس المقصود الشهيرة هيفاء وهبي· تصوروا أن في العالم العربي ''هيفات'' أخريات تتناقل أخبارهن الصحف ووكالات الأنباء، وأخبار الفضائيات!
هيفاء المقصودة، أم فلسطينية، نابلسية الإقامة، من عائلة متوسطة الحال· لها من الأطفال خمسة· استيقظت مع صلاة الفجر في أول أيام رمضان المبارك، وربما قررت أن تفي بعهد قطعته على نفسها المكتئبة، بعد أن قتل الإسرائيليون أخاها قبل سنتين، ودمروا منزلها ومنزل عائلتها المؤلف من 5 طوابق·
هيفاء هندية، عمرها 37 عاماً، أمضت يوم الأول من رمضان، مثل أي أم في أي أسرة عربية مسلمة، تحضر الإفطار لعائلتها· إلا أن هيفاء ليست مثل أي سيدة عربية· هي فلسطينية الهم والجنسية، إحساسها بخسارة البيت والأخ وصل بها حد اللامعقول، تغلغل الحزن في عروقها، عاش في نبضها وخلايا أفكارها، يوماً بعد ليلة، ساعة تلو ساعة، إلى أن جاء يوم الثاني من رمضان···خرجت من مطبخها وبيدها سلاح ربة البيت- سكين المطبخ- وعند أول حاجز إسرائيلي أوقفها، تذكرت الأخ الشهيد وتعب السنين والبيت الذي هدته الجرافات الإسرائيلية، فاستلت السلاح، وبدأت بنهم جنوني، تطعن مجندة إسرائيلية، كانت تقف عند الحاجز، وتحاول تفتيشها·
الجنود الإسرائيليون، انقضوا على هيفاء والمجندة وأبعدوهما عن بعضهما البعض، ونقلت المجندة بسرعة البرق إلى أحد المستشفيات وعادت إلى منزلها، فيما عالج الجنود الإسرائيليون هيفاء بعشرين طلقة رشاش، وتركوها تنزف 25 دقيقة، ومنعوا سيارة الهلال الأحمر الفلسطيني من الاقتراب منها أو إسعافها إلى أن أسلمت الروح لبارئها·
أبعد الناس عن مكان الحادث، وعندما سلمت جثة هيفاء لمعمل الطب الجنائي وكشف عليها الطبيب الشرعي الدكتور سمير أبو زعرور، أصيب كل من عاين الجثة بالصدمة والذهول للمشهد الذي وقعت عليه أعينهم·
الدكتور أبو زعرور كشف أن هيفاء هندية ''تعرضت لتمثيل جسدي شنيع شمل أعضاءها التناسلية وصولاً إلى رحمها بواسطة آلة حادة''· وأكد: '' لقد تعرضت للطعن بآلات حادة أحدثت جروحاً منتظمة الحواف بعمق 10 سنتيمترات في المنطقة الحساسة من الجسم بما في ذلك الرحم الذي جرى تقطيعه وكذلك الفخذ اليمنى· والتهتك الذي أصاب الجهاز التناسلي لا يدع مجالاً للشك أن هيفاء هندية تعرضت لتمثيل لم أر له مثيلا منذ بدء مزاولتي العمل كطبيب شرعي قبل ست سنوات''·
لماذا حملت هيفاء السكين؟ وهل كان المقصود طعن المجندة أم أن وجود الحاجز العسكري والاكتئاب الذي كانت تعاني منه، جعلاها تقترف ''جريمة''، ليقترف بها أبشع الجرائم؟
لنترك الأسئلة، ونحاول فهم المجرم الحقيقي، المهووس غير المكتئب، والذي لم يدمر بيته، ولن يعاقب مثل كل المجرمين الإسرائيليين الذين يقتلون وينهبون ويرتكبون أبشع المجازر، وفي نهاية المطاف يخرج تقرير يقول إن الحكومة الإسرائيلية تأسف ولكن ''···القاتل مصاب بالجنون''·
سبحان الله، حتى الجنون-فيه خيار وفقوس- استكثروه على أم فلسطينية آخرعنقودها لم يبلغ الخامسة بعد· ولأنها طعنت···طعنوها 20 مرة، ومزقوا رحمها، ليتأكدوا أنها لو عاشت - وهي ميتة - لن تستطيع إنجاب فلسطيني آخر·
رحم هيفاء وغيرها من نساء نابلس وطولكرم وجنين وغزة والقدس، هو الذي يتمنى الإسرائيلي أن يفاوض عليه، لينمو وأولاده دون خوف في أرض هيفاء وأولادها· وهذه ليست نظرية مؤامرة· إنها الحقيقة التي تصفعنا كل يوم··· والتي لم نعد نشعر بألمها من شدة تبلدنا، ومن كثرة مجازر الوجع·
ترى من سيحضن ابن الخمس بعد حضنك يا هيفاء؟ رحمك الله، وأسكنك آمان جناته·