تعقيبا على د· أنور محمد قرقاش... المؤسسية قرينة لدولة القانون
لفت انتباهي مقال الدكتور أنور محمد قرقاش ''لنتحدث عن المؤسسات''، باعتباره لفتة قيمة من أحد كتاب ''وجهات نظر'' إلى جانب أساسي في تجارب التطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي المعاصرة· فمن خلال إشاراته إلى غياب المؤسسية وطغيان الفردية في عالمنا العربي، قد نلاحظ واحدا من الأسباب الرئيسية وراء حالة التخلف التي تعيشها بلداننا إذ نجد أن ''الشخصنة تجاوزت المساحة السياسية لتطال كافة جوانب المجتمع، حيث يهيمن ظل الفرد ويصبح الشأن ذاته مرتبطا بهذا المتنفذ أو صاحب النفوذ ذاك''! وإذا كان للمؤسسات وجود جزئي وشكلي جدا في عالمنا العربي، فمازلنا ''نرى المؤسسات من خلال الأفراد ونعتبرها مناطق نفوذ طبيعية لهم، تقوى بقوتهم وتضعف بضعفهم''·
ولعل هناك نقطة في هذا الشأن على أهمية بالغة، ورغم ذلك لم يتناولها الكاتب إلا عرضا في إشارة سريعة، وهي أن الافتقار إلى المؤسسية في مجتمع ما، يدل بصفة واضحة على غياب الآليات الصحيحة والملائمة والموضوعية في هذا المجتمع لتوزيع الحقوق وتحديد الواجبات إزاء جميع أعضائه بشكل متساوٍ ومتكافئ، مما يعني افتقاره إلى مقومات العدالة والمساواة والرشد والتكافل·
وإذا كانت المؤسسية، وهي قرينة لدولة القانون، تعد تجلياً لإرادة سياسية عليا في دولة ما، فإنها بالقدر ذاته تمثل انعكاسا لمستوى التطور الاجتماعي والحضاري للمكون الاجتماعي في تلك الدولة·
ومهما يكن فإن الدكتور قرقاش أظهر مرة أخرى تلك الفجوة الواسعة بين ما نقوله في مدح المؤسسية وفضائلها، وبين ما نمارسه في اتجاه مضاد لفكرة المؤسسية وخدمة لعملية اختزال العام وشخصنته!
عزيز خميس- تونس