تتيح النظم الحكومية في الدولة حالياً جميع مجالات الاستثمار والنشاط الاقتصادي أمام المرأة، كما تلعب بعض الدوائر والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية دوراً مهمّاً في تهيئة المناخ الاستثماري للمرأة بما يتناسب مع إمكاناتها المادية ومستوياتها التعليمية· وقد شهدت أبوظبي مؤخراً فعاليات مهمّة تهدف إلى تعزيز مساهمة المرأة في دفع مسيرة الاقتصاد القومي· إلا أن هناك العديد من العقبات والتحديات التي لا تزال تحدّ من المساهمة الاقتصادية للمرأة الإماراتية، التي تعاني صعوبة الحصول على التمويل اللازم لإقامة المشروعات الاستثمارية الخاصة، وعدم وجود الجهات الحكومية والدوائر المتخصّصة التي تضطلع بتقديم النصح والاستشارات الفنية اللازمة، وصعوبة التعرف إلى الفرص الاستثمارية المتاحة في الاقتصاد الوطني والتي تناسب طبيعة عمل المرأة، وغياب المرأة عن العديد من اللقاءات والمنتديات التي تعرض فيها الفرص الاستثمارية بصفة عامة، وغيابها أيضاً عن لقاءات الوفود التجارية الأجنبية التي تزور الدولة باستمرار وتعرض خلالها العديد من المشروعات الاستثمارية والتجارية المجدية، وغيابها كذلك عن المعارض التجارية الدولية، التي تساعد في الوصول إلى الموارد والأسواق، وصعوبة حصول سيدات الأعمال على التصاريح اللازمة لاستقدام كفاءات نسائية مدرّبة من الخارج·
في ظل وجود أكثر من 150 ألف منشأة اقتصادية في القطاع الخاص تؤول ملكيتها الحقيقية لغير المواطنين، ووجود مستويات قيادية ومصادر قرار أجنبية عديدة في هذا القطاع تؤثر في توجيه الاقتصاد القومي نحو الغايات المنشودة، فإن هناك دوافع قوية تدفع نحو تشجيع المرأة الإماراتية على اقتحام العمل الحر، من خلال مشروعات صغيرة ومتوسطة توفرها وتروّج لها المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية ذات الصلة· فعلى الرغم من الإنجازات التي حققتها المرأة في مجال العمل الحر وإدارة الشركات الخاصة، فإن نسبة مساهمتهن قياساً بعدد منشآت القطاع الخاص التي تتجاوز 300 ألف منشأة تعتبر ضئيلة جداً، حيث لا تتجاوز نسبة المواطنات اللائي يمتلكن ويدرن شركاتهن بأنفسهن 4% من إجمالي عدد المواطنين في القطاع الخاص· وتأتي توجّهات الدولة مؤخراً نحو التركيز على التعامل الإلكتروني في أداء العديد من الأنشطة الاقتصادية في مصلحة المرأة إذا كانت عاملة أو صاحبة عمل، حيث يعتبر قطاع تقنية المعلومات بصفة عامة أكثر القطاعات ملاءمة لعمل واستثمارات المرأة، وليس أدلّ على ذلك من الحضور المكثف للمرأة المواطنة في جميع قطاعات الحكومة الإلكترونية في الدولة حالياً، وإسناد مناصب مهمّة إليها·
إن مساهمة المرأة في التنمية الاقتصادية لا يتم عفوياً، بل من خلال سياسات تعتمد على التخطيط السليم قصير ومتوسط وطويل المدى، حيث إن للمرأة مقوّماتها الخاصة، وإن انتقالها إلى العمل من دون خطط مدروسة واستراتيجيات واضحة قد تترتب عليه تكاليف اجتماعية باهظة تحدّ من المكاسب الاقتصادية، كما أن دخول المرأة معترك النشاط الاقتصادي بأسس علمية صحيحة سوف يكون له أثر حضاري وثقافي ينتقل من خلالها إلى الأجيال القادمة التي هي عماد البلاد في التنمية الاقتصادية والاجتماعية·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae