يدرك من يعيش في أبوظبي هذه الأيام أنه يعيش بين مرحلتين وينتقل بين زمنين، زمن العمل بتفان إلى زمن العمل بجد ونظام وتخطيط··· ورغم ذلك فإن البعض لا يريد أن يستوعب أن أبوظبي تمر في مرحلة جديدة وزمان مختلف وظرف متغير وبالتالي نجده واقفاً يتفرج فقط!
أبوظبي اليوم ليست بحاجة إلى متفرجين وإنما هي بحاجة إلى رجال متسلحين بالأمل ومتمسكين بالعمل وراغبين في تحقيق الأحلام والمشاريع التي ما تزال على الورق·· المرحلة المقبلة بحاجة إلى رجال يعرفون معنى العزيمة ويقدرون ثقة من سلمهم المسؤولية فيتحملونها كاملة دون تراخ وبعيداً عن التركيز على مصالحهم الشخصية··· أبوظبي اليوم بحاجة إلى هؤلاء وليس إلى المحبطين ومن يرددون ''أن شيئا لن يحدث''···
إن أمانة المسؤولية التي يتحملها كل مدير ووزير توجب عليه أن يكون مؤمنا بالتغيير ساعيا إلى الإضافة والعمل المتميز وحقيقة أنه لم يعد هناك مكان لمتردد أو متراجع أو غير مؤمن بالتغيير وليس هناك مكان لمن لا يستطيعون تخيل العيش في واقع مختلف وحياة جديدة···
كل ما تريده أبوظبي هذه الأيام ممن يجلسون على كراسي المسؤولية أن يستوعبوا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم وأن يدركوا أنهم موجودون في وقت مختلف وظروف غير عادية تتطلب منهم إنجازات غير عادية وجهوداً إضافية··
هناك عمل دؤوب في كل مرافق الإمارة من أجل إعادة هيكلة النظام الحكومي وتطوير الخدمات··· كما أن هناك رغبة واضحة من أجل التوجه إلى الخصخصة·· ومن أجل خفض البطالة المقنعة في المؤسسات الحكومية وكذلك التخلص من البيروقراطية والقوانين الجامدة والمعطلة··· وكل هذه الأمور تحتاج إلى من يتبناها ويقوم بتنفيذها·· كل واحدة من تلك النقاط عبارة عن مشروع عمل كبير يحتاج إلى تضافر جهود الدوائر وتعاون بين المسؤولين في الإدارات المختلفة بعد أن توضع الآلية الواضحة والسليمة لعملهم·· وبالإضافة إلى ما سبق فإن هناك واقعاً اقتصادياً جديداً يجب التعامل معه بطريقة مقننة وعلمية سليمة·· وهناك مستثمرون يترقبون أبوظبي وهناك أموال تتدفق على العاصمة وكل ذلك يتطلب عملا وجهدا ونظاما وترتيبا يليق بمستوى الإمارة···
الكل بمن فيهم من هم في أعلى المستويات يعملون ويخططون ليل نهار من أجل مستقبل أفضل، فهناك مجالس تم تشكيلها مؤخرا وهناك مشاريع تمت الموافقة عليها ولجان أخرى تم تشكيلها وإدارات تم تغيير تركيبها ودوائر تمت إعادة هيكلتها كما أن هناك مشاريع يعاد النظر فيها ورجالاً يعاد تقييمهم·· بمعنى آخر هناك تفاعل كبير جداً في الإمارة وهناك عمل في العاصمة وكل ما يحدث يحتاج إلى من يستوعبه ومن ثم يطبق ما يجب تطبيقه···
في مثل الحركة الاقتصادية والإدارية التي تشهدها أبوظبي اليوم فإن التغيير يكون سريعا ولا يحتمل تأجيلا وتأخيرا لذا فإن فرز الأشخاص النافعين من غير النافعين يكون تلقائيا ومرتبطا بمدى إنتاجهم ومستوى أدائهم فمن ينجح في السير في متطلبات المرحلة فإنه يحافظ على بقائه ومن لا يستطيع فسيكون من الصعب عليه اللحاق بالقطار الذي سيفوته ولن ينتظر من يتباطأ في عمله··· وفي مثل هذه المرحلة من الطبيعي أن يجد من يعمل الثواب على عمله أما من يخطئ فسيعاقب وهذا أمر طبيعي فمن يعفو ويسكت عن المخطئ والمقصر فإنه يسيء إلى المجتهد والمتفاني··
يقول الإنجليز ''إن الإنسان الذي يعمل يغويه الشيطان أما العاطل عن العمل فيغويه ألف شيطان''··· ولا شك أن من بيننا من أغواه الشيطان وهو يعمل فقصر أو أخر أو أساء أو ارتكب حماقة فما بالنا بمن هو جالس منذ زمن على كرسي البطالة المقنعة بلا عمل بالتأكيد إنه صارت الشياطين تلعب به حتى نسي كيف يعمل؟ قد يكون أمام هؤلاء أيضا فرصة إما لـ''التوبة'' والعودة إلى الصواب وترك المكان أفضل مما كان أو الانسحاب بهدوء ليفسحوا المجال لمن يريد أن يعمل بصدق بعد سنوات من الترهل والتراخي في إنجاز ما يفترض إنجازه·
الواقع يقول إن القرارات غالبا ما نتخذها بسهولة ولكن الصعوبة تكون في الاحتفاظ بتلك القرارات وتنفيذها على أرض الواقع وعلى سبيل المثال فإن هناك عشرات المقترحات والأفكار والدراسات المستقبلية التي تم تقديمها أو إعدادها من أجل تنفيذ مشاريع جديدة في أبوظبي والكثير من تلك المشاريع قابلة للتنفيذ وتحتاج إليها الإمارة ولكن الكثير منها دخل الأدراج المظلمة ولم يرَ النور منذ سنوات على الرغم من أن الملايين صرفت على بعض تلك الدراسات وذلك إما بسبب التأجيل أو التردد في تطبيق الدراسة أو خوف المسؤول من المحاسبة إذا ما أخطأ فيما قام به··· وربما لو راجعنا كثيرا من تلك الدراسات والأفكار وحاولنا أن نتخيلها على أرض الواقع لرأينا أمامنا أبوظبي جديدة ومختلفة مدينة تختزل كل النواقص التي نتكلم عنها اليوم والتي يطالب بها المسؤولون منذ سنوات ولم تنجز·· فلماذا وضعت مشاريع ودراسات أبوظبي في الأدراج وأقفل عليها بل وبعض تلك الأدراج ضاعت مفاتيحها؟!····
أبوظبي لا ينقصنا شيء فالمال - وهو عصب الحياة - موجود ومتوفر والحمد لله والأهم من المال هي