رغم محاولاتها الدائمة، لا تبدو السلطة الوطنية الفلسطينية بمظهر الدولة ذات السطوة، أي الكيان السلطوي الذي بإمكانه أن يفرض سيطرته الشرعية على سير الأمور في قطاع غزة! هذه حقيقة ثابتة للأسف، إذ لا أحد هنا بات يشك في وجود انفلات أمني، أهم مظاهره الاغتيالات السياسية والاختطافات المتكررة، وتعدد الجهات التي تمتلك السلاح وتستخدمه وتستعرضه في الشارع، من فصائل وعائلات وشلل، مما يؤدي إلى إرباك في التعامل مع السلاح وتعريفه، ما بين سلاح المقاومة وسلاح الفوضى الذي اختلط أحياناً ببعضه بعضاً، وكثيرا ما استخدم الأول في مكان الثاني، ما أدى إلى فقدان الاستقرار والأمن والنظام· وهذه من أوّل المسؤوليات الملقاة على عاتق أي سلطة أو حكومة، ولكنها إذا فشلت في فرض النظام مهما كانت الأسباب، وكانت النتيجة فقدان المجتمع لأمنه، فإن على هذه السلطة أن تخلي مكانها، مستقيلةً من المسؤولية، غير مأسوف عليها·
واليوم تجد السلطة الوطنية نفسها في موقف حرج، ما بين التعامل بالقوة مع حالة تعدد السلاح، التي تؤدي إلى فوضى، وحقيقة أن الاحتلال مازال جاثماً على أرضنا ما يبرر لبعض الفصائل الاحتفاظ بسلاحها، خاصةً وأنه ليس هناك ثقة بأن طريق المفاوضات مع إسرائيل، هو الطريق الوحيد الناجع والفعال والمؤدي لاسترداد الحقوق الوطنية الفلسطينية· لكن هذا لا يعفي السلطة من مطالبة مواطنيها لها بتحقيق الاستقرار والأمن الداخلي، وبالتالي يجب حل هذا الإشكال تماماً وبفاعلية وبسرعة، بين السلطة والفصائل، ونتمنى أن يتم ذلك عبر الحوار والتوافق الوطني·
مهند العكلوك- فلسطين