مولعون نحن العرب بوضع لمساتنا الخاصة على كل شيء· المبتكرات والمخترعات والمفاهيم والتصورات··· وكل شيء· ومن هذا الكل يكون موضوع العراق الذي بات لغزا عصيا على الحل ، أمام عقل وأسماع ونظر العالم جميعا! انكسار وإحباط وأحلام مضيعة، وصور نمطية طالما داعبت خيال الإنسان العراقي عبر المشاهد الهوليودية، لتتعرض للفشل الذريع تحت وطأة الواقع وتفصيلاته الموجعة والمؤلمة· فقد طاش كل شيء وضاع أي شيء، وراحت المواجد والأحزان والآلام تحضر بقوة مفرطة·
بين التشاؤم والتفاؤل يكون الموقف المتشظي لهذا الكائن المبتلى، برومانسية الشهادة وقدر الموت والمبيت مظلوما ومتأسيا وشاحبا ومنكوبا، وكأنه القدر الذي يترصده له الآخرون عبر المقولات الجاهزة وتعزيز ثقافة العجز، وتكريس القبول بهذا الآتي إليه، ليحط ثقل الأسى والكآبة والنكوص والاستسلام، فيما راح العراقي يفاخر بألمه وحزنه وقنوطه معتقدا أنه الإرث الذي تركه له الأسلاف، وهو الوفي الأمين لكل النوائب والمصائب والرزايا والنكبات التي صنعتها أيادي الطغاة والمتسلطين والمتجبرين واللصوص والأفاقين وأصحاب عقد الدونية ومركبات النقص··· تداخل يشي بكم التناقض الذي عاشه ومازال يعيشه العراق، حتى باتت أحاديث البعض مثار استغراب حين يتعرضون لموضوعات مثل الأمن والطمأنينة والاستقرار والحياة الطبيعية، بل إن الكثير من العراقيين راح يبز جيرانه بحربه الطويلة التي استمرت لثماني سنوات، وحصاره الذي دام ثلاث عشرة سنة عجفاء، و30 عاما من حكم الطاغية الذي لم يعرف التاريخ له مثيلا·
د· إسماعيل نوري- العراق