إن دولة الإمارات التي تحتل المرتبة الأولى بين البلدان العربية، من حيث توظيف التقنية الرقمية ومستوى الجاهزية للانتقال نحو اقتصاد المعرفة، وفق التصنيف الأخير للبنك الدولي، ما زالت تخطو خطوات كبيرة باتجاه التحوّل كليّة إلى اقتصاد يستخدم المعارف بفعالية عالية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية· وهذا ما أشار إليه سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان وزير شؤون الرئاسة نائب رئيس مجلس أبوظبي للتعليم، مؤكدا أن المجلس سيطلق تباعا منظومة متكاملة من مشروعات تستهدف الانتقال بالمجتمع إلى اقتصاد المعرفة·
يقوم اقتصاد المعرفة على أربع ركائز رئيسية: أولا، التعليم والتدريب، حيث يتطلب هذا الاقتصاد مجتمعا متعلما وماهرا، بإمكانه إنتاج المعرفة واستخدامها بفاعلية· ثانيا، توافر بنية معلوماتية تحتية ديناميكية، كـ''الإنترنت'' ووسائل الاتصال الحديثة والحواسيب، وذلك لتسهيل التواصل الفعّال، ونشر ومعالجة المعلومات· ثالثا، توافر شبكة تفاعلية تربط مراكز البحوث والجهات الاستشارية والجامعات والشركات التجارية ومؤسسات المجتمع المدني، بحيث تتمكّن معاً من امتصاص المخزون المعرفي العالمي المتراكم، وتكييفه وفقاً للاحتياجات المحلية· رابعا، وجود بيئة اقتصادية وتشريعية تسمح بتدفّق المعرفة بحرّية، وتدعم الاستثمار في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات·
إن بناء ثروة بشرية أكثر تطوّرا من خلال نظم تعليمية وتدريبية ذات كفاءة عالية تعمل على رفع نوعية ومحتوى التعليم وحداثته وطرق التدريس وفعاليتها والربط الوثيق بين العملية التعليمية والحاجات التنموية والأمنية، وضمان استمرار العملية التعليمية والتدريبية على مدى الحياة، تعدّ مطلبا أساسيا لإيجاد جو من الإبداع والابتكار يمكّن العاملين من تحديث طرق الإنتاج في القطاعات التي يعملون فيها، ما يؤدي بدوره إلى زيادة الإنتاجية وتخفيض تكاليف إنتاج السلع والخدمات، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى إيجاد ميزة نسبية جديدة يمكنها أن تقود زخما تنمويا في القطاعات كافة· كما يتطلّب ذلك أيضا، دعم عمليات صناعة وتطوير المعرفة والتقدّم التقني من خلال الرعاية والحفز المادي والمعنوي الذي يجب أن يقدّم إلى القطاع الخاص في مجالات البحث والتطوير والابتكار والإبداع، بما يوجد ميزة نسبية كبيرة تمكّن الدولة من تصدير سلع وخدمات جديدة، حيث إن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتطوّرة تزيد كثيرا من فعالية القطاعات الاقتصادية، كما أنها تضمن الديناميكية اللازمة لهذه القطاعات، وتمكّنها من الوصول إلى أسواق لا يمكن الوصول إليها من دون هذه التكنولوجيا· كما يتطلّب الوضع كذلك إنشاء كيان قانوني يشجّع القطاع الخاص على المشاركة في تطوير مشروعات البنية التحتية، وتطوير الأطر القانونية والتشريعية الملائمة لبيئة التعاملات الإلكترونية، وبناء نظم مؤسساتية تعمل على حماية حقوق الملكية ودعم الشفافية، حيث تعدّ هذه النظم شرطا لنجاح الاستثمارات وكفاءتها، بل هي أمر لابدّ منه لرفع الكفاءة الإنتاجية في القطاعات الاقتصادية كافة· إن جميع الجهات، التي تدخل ضمن دائرة اختصاصها الركائز الأربعة لاقتصاد المعرفة، مطالبة بالاستجابة السريعة والمباشرة للتطوّرات المتسارعة في عالم الاقتصاد المعرفي، وضرورة توحيد الجهود في سبيل الانتقال نحو اقتصاد المعرفة·