كشفت صحيفة ''الشرق الأوسط'' عن أن ''أشهر'' المتعصّبين من كتّاب مواقع الإنترنت المتطرّفة المحسوبة على السعوديين، ينتمون إلى جنسيات أخرى، بينما استغرب عبدالرحمن الراشد بالصحيفة ذاتها ما وصفه بـ''صمت'' القضاء الإماراتي على طروحات الدعوة إلى القتل عبر الانترنت· وبالطبع نتفق مع الكاتب في ما ذهب إليه بشأن حساسية الحراك السياسي الحاصل بمجتمعاتنا وضرورة النظر بعين الاهتمام إلى ما تشهده الإنترنت من دعوات تجنيد وتحريض وغسل أدمغة، بل سبق أن حذرنا منذ فترة طويلة من أن ''الإنترنت باتت ميداناً تتحرّك فيه التيارات المتطرّفة من دون ضوابط أو رقابة''· ولكننا لا نتفق مطلقاً مع رأيه القائل إن هناك ''صمتاً'' قضائياً إماراتياً حيال ما تشهده منتديات الإنترنت من أفكار انتحارية مؤدلجة، ولا نتفق أيضاً على أن المواقع تترك لتذيع بيانات وأن الساحة مفتوحة للتحريض المباشر ونستغرب بدورنا تساؤل الكاتب حول ''المصلحة التي تقف وراء هذا الإهمال''، وكأنه يفترض مسبقاً أن هناك دوراً غائباً أو مغيّباً نتيجة لإهمال جهة رسمية ما!
وبعيداً عن تفنيد حديثه عن ''الجهل'' بتأثير هذه المواقع، ومن دون مناقشة ما ورد حول ''نسب'' المواقع إلى دولة الإمارات، فإننا نذكّر الكاتب بأن ''معهد أبحاث الشرق الأوسط للإعلام'' ومقره واشنطن قد أكد في إحصائية نشرها في منتصف شهر يوليو من العام الماضي أن 76% من المواقع الأصولية المرتبطة بـ''القاعدة'' تبث من داخل الولايات المتحدة، وأن بقية المواقع الشهيرة المرتبطة بالتنظيم تبث عبر شركات من دول عدة منها بريطانيا وهونج كونج وروسيا وإيران وكندا وفي ذيل القائمة تقع الإمارات ودول غيرها، حسبما ورد في تلك الدراسة، وهذا الأمر لا يعود مطلقاً للصمت الرسمي -كما يقول الكاتب- وإلا كانت الولايات المتحدة -وفقا لهذا المفهوم- هي الصامت الأكبر على ممارسات تنظيمات الإرهاب على شبكة الإنترنت، وهذا قول فيه مجافاة للحقائق لكون الولايات المتحدة هي المتضرر الأكبر من الإرهاب·
الشواهد جميعها تعكس موقف الإمارات الرسمي من أي ممارسات من شأنها تغذية الإرهاب فكراً وسلوكاً وتمويلاً، وتعكس أيضا مدى صعوبة تتبّع هذه المواقع رغم وجود ما يعرف بـ''البروكسي'' وكذلك إمكانية تدمير هذه المواقع عن طريق التنسيق مع شركات الاستضافة، لكن دائماً هناك ''حيل'' تكنولوجية جديدة يستخدمها نحو 4 آلاف موقع تابع لـ''القاعدة'' كما قالت ''لوموند''· وهناك أيضاً بيانات وهمية وبطاقات ائتمان مزوّرة لدرجة أن صحيفة ''أساهي شيمبون'' قد أشارت إلى أن جماعة ''أنصار السنّة'' المتطرّفة تستخدم مواقع إنترنت يابانية للإعلان عن عملياتها الإرهابية في العراق مستفيدة من كون مثل هذه المواقع لا تخضع لرقابة صارمة كونها ملك أفراد هواة، بل إن أحد الخبراء اليابانيين يقول إن ''لدى المتطرفين كتيب تعليمات خاصاً بهم حول كيفية بث لقطات فيديو دون تمكين أجهزة الرقابة من ضبطها''· وهذا كله بالطبـــــع لا يعفي أي دولـــــة من مســــؤولية الرقابة، ولكن فقط لتوضيح لعبة ''القط والفأر'' التي تمارســـــها تنظيمــــات الشـــــر مع الدول كافة!·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae