هل يعني تكرار وقوع تفجيرات إرهابية مدمرة في مكان واحد مرتين، يفصل بينهما ثلاثة أعوام شيئا..؟
هل من باب الصدفة أن تتعرض بالي الإندونيسية في اكتوبر 2002 لعملية إرهابية مجنونة حصدت أرواح أكثر من 200 شخص، ثم تضربها في اكتوبر2005 تفجيرات مماثلة يسقط فيها الكثيرون أيضا؟
نعم ثمة معنى واضح لما جرى، كما أنها ليست مصادفة، بل استهدف به توجيه رسالة مباشرة· ملخصها أن الإرهاب عنيد وشرس وأشبه ما يكون بالحرباء أو الأخطبوط· وهذا بدوره يعني أن الإرهاب ليس عدوا هينا ولا هو جملة اعتراضية في مجرى التاريخ البشري· على عكس ما يعتقد البعض، خاصة منا نحن المسلمين.
إنها الرسالة نفسها والمعنى ذاته اللذان استهدفتهما تفجيرات شبه جزيرة سيناء في شقها الأول بطابا في اكتوبر 2004 أو بملحقها الثاني في شرم الشيخ قبل أشهر قليلة·
إن ما يجمع بين تفجيرات بالي وتفجيرات طابا- شرم الشيخ أكثر من مجرد ظاهرة الاستهداف المتكرر أو كونها عمليات ضد منتجعات سياحية يرتادها كثير من الغربيين ... أو أنها - في الحالات الأربع- لم تكن عملية واحدة، بل سلسلة تفجيرات متزامنة، عصفت بعدة مواقع في منطقة واحد، بفواصل زمنية قصيرة.
ما تعكسه هذه التفجيرات على بعد المسافة بين أهدافها واختلاف الجناة فيها، هو الحقيقة المؤسفة التي يرواغ الكثير من قومنا في الاعتراف بها ·· ألا وهي أن فصيلا منا مصمم على إراقة دماء الأبرياء بلا هوادة ودون وازع من ضمير وبلا رادع وأن شهوته الشريرة وهوسه المريض بالدم والخراب تفوق كل قيمة ومبدأ وعقيدة.
ويعني ذلك أن الخطوة الأولى في الحرب على الإرهاب لابد أن تكون داخلنا نحن· إذ يتعين علينا جميعا كمسلمين في شتى بقاع الأرض أن ندين الإرهاب ونشجبه ونندد بكل من يحاول البحث عن ذرائع له أو تبريره.
إن مثل هذه العمليات مع بشاعتها، تسقط في كل مرة عن الإرهابيين ما يستترون به من دعاوى زائفة وأفكار مريضة· إنها تكشف لنا نحن قبل الآخرين كم أن الإرهاب شرير وبشع وأنه لا يصح أبدا أن ننسب إليه أو ينتسب لنا.
إن جرائم الإرهابيين في بالي أو طابا أو شرم الشيخ تنطوي في العمق منها على رسالة إلى أولئك الذين يترددون داخلهم من تلك الظاهرة الشريرة· رسالة تقول إنه ليس ثمة موقف أو مبدأ أو مبرر منطقي لما يقترفه القتلة... سوى أنهم مجانين بالدم·