إزاء أحداث العنف والإرهاب التي وقعت في أنحاء عديدة من العالم، كثيراً ما وقفت أطراف لتلقي باللوم في صناعة الظاهرة الإرهابية على أطراف أخرى، وكأنها تخلي ساحتها من المسؤولية عن ذلك الإجرام الدموي البشع!
إلا أنه لاعتبارات أقلها كوننا شركاء في الإنسانية، يجب علينا أن نتجاوز منهج تقاذف اللوم في ظاهرة بحجم الإرهاب ومخاطره، بل يتعين أن ننتبه إلى حقيقة أساسية في هذا السياق، وهي أن الإرهاب صناعة نفسه وإلى أنه مكتف بذاته وليس بحاجة إلى من ينتجه! بمعنى أن الخلية الأولى في السلسلة الحيوية للإرهاب هي فكرة فحسب، وقد آمن بها شخص لتنتقل منه عبر شبكة من التفريعات اللانهائية. ويمكننا القول إن البناء الجيني في الفكرة الأولى وجد بحيث يكون الإرهاب في غنى دائم عن الاعتماد على أي طرف بذاته، سواء كان شخصاً أو مؤسسة أو دولة.
ولعل الاستخبارات الأميركية التي اطلعت على الأسرار الخفية في بناء تنظيم القاعدة، وآليات عمله وترابطاته التنظيمية، لاحظت ذلك السر العجيب، ومن ثم نجد أنها لم تحمل أية دولة أو مؤسسة، على نحو جدي، مسؤولية تقديم دعم للقاعدة!
ولعل هذه الحقيقة تمثل منطلقاً صحيحاً لجميع المعالجات الأمنية والثقافية التي تستهدف محاربة الإرهاب والقضاء عليه!
محمود عثمان - القاهرة