لاشك أن الحرب الأميركية على العراق هزت الشرق الأوسط، وغيرت كثيراً من رؤية النخب السياسية لواقع المنطقة ومستقبلها. وثمة تساؤل مهم يطرح نفسه، وهو: هل أصبح السيناريو العراقي هاجساً ينتاب بعض النظم العربية؟ وهل يمكن للقوة العسكرية الأميركية أن تحرك الركود السياسي في الشرق الأوسط؟ في الحقيقة بدأ زخم الإصلاح الأميركي يتراجع، وبدأت الضغوط الأميركية على الدول العربية في مسألة التحول الديمقراطي تتآكل تدريجياً. وبدا واضحاً أن المشكلة لا تكمن في دول المنطقة بقدر ما تكمن في السياسات الأميركية، ذلك لأن ثمة قوى داخلية في العالم العربي تطالب بالإصلاح وتحظى بقبول لدى الشارع العربي بحكم مبادئها الوطنية ودرجة المصداقية العالية التي تتمتع بها على الساحة الداخلية. أما الضغوط الأميركية، فهي عادة ما تكون، ستاراً لتطبيق سياسات معينة، أو لتمرير سياسات لا تحظى بقبول لدى كثير من العرب. في الحقيقة أن الحديث عن الإصلاح في العالم العربي معقد وشائك، ويصعب الإلمام بخيوطه مرة واحدة، لكن الورطة الأميركية في العراق طغت على صناع السياسة الأميركية، لدرجة أنهم غير قادرين الآن على الترويج بقوة للتحول الديمقراطي المنشود في منطقتا العربية.
صدقي مرزوق- دبي